محمودا وأكثر ما يكون كذلك ما يكون له حرارة ورطوبة وقد علمت أنه كيف يغذى قبل النوبة وبأي ساعات ولم ذلك وعلمت أيضا انه ربما احتيج إلى الغذاء في النوبة وبقرب منها للعلة المذكورة لكن الأصوب ان تلقى الحمى خالي البطن حتى لا تشتغل الطبيعة بمادة غير مادة المرض إلى أن تدفعها والشراب الصافي الرقيق الأبيض نافع له * (علاج الربع اللازمة) * حال هذه الحمى على ما أخبرنا به من قبل والقانون فيها مجانس للقانون في الربع المفترة وانما يخالف في أشياء يسيرة من ذلك أن الميل إلى الاعتدال في المسخنات وإلى التبريد في هذه أولى للزوم الحمى فيجب أن يستعمل في علاجها مثل السكنجبين والجلجبين والسكنجبين البزوري وماء الأصول المعتدل والا فشرحات بالعسل ومن ذلك أن الفصد في هذه أوجب لان المادة محصورة في العروق ومن ذلك أن الرخصة في الغذاء من اللحوم في هذه العلة أقل * (فصل في الحمى الخمس والسدس والسبع ونحو ذلك) * وتسمى باليونانية فيماطوس وقوم يسمون أمثال هذه دوارة فاعلم أن هذه تتولد من مادة مجانسة لمادة الربع لكنها أغلظ وأقل وأكثر ما تكون من سوداء بلغمية وأما السدس والسبع وما وراء ذلك فان بقراط يذكره وجالينوس يقول ما رأيت في عمري منه شيئا بل ولا رأيت خمسا جليا قويا انما هي حمى كالخفية قال ولا يبعد ان يكون السبب في مثل السبع والتسع تدبيرا إذا استعمل وجرى عليه أوجب حمى فإذا عوود أوجب في مثل ذلك الوقت تلك الحمى ولو ترك وأصلح لكان لا يوجب فيكون السبب في أدواره وعوداته عودات التدبير وأدواره لا أدوار مواد تنصب وعوداتها قال فيجب ان يراعى في امتحان هذه العلة هذا المعنى حتى لا يقع غلط على أن جالينوس كالمنكر لوجود هذه الحميات وكالموجب ان يكون لأمثالها أصل آخر لكن بقراط قد حقق القول في وجود السبع والتسع وليس ذلك ببين التعذر ولا واضح الاستحالة حتى يحتاج ان يرجع فيه إلى التأويل والأقاويل التي قالها بقراط في باب هذه الحميات ان السبع طويلة وليست قتالة والتسع أطول منها وليست قتالة وقال إن الخماسية أردأ الحميات لأنها تكون قبل السل أو بعده وقول جالينوس فيه كما تعلمون وانا أظن لهذا القول وجها ما وهو ان يكون السل يعنى به الدق ويكون قوله الخماسية موضوع قضية مهملة لا تقتضي العموم فيكون كأنه بقول ان من الخماسية صنفا من أردأ الحميات لأنها تكون قبل الدق وبعده ويكون معنى قوله ذلك أن الحميات إذا طالت وآذت واختلطت واختلفت تأدت كثيرا إلى اشتعال الأعضاء الرئيسة وإلى الدق ومن شأن أمثال هذه الحميات أن تقف في آخرها على نمط واحد وأكثر ذلك على الربع وقد بينا هذا لكنها انما تؤدى إلى الربع إذا كان في الأخلاط غزارة وفي الرطوبات كثرة وأما إذا كان الذوبان قد كثر والاستفراغات المحسوسة وغير المحسوسة قد تواترت لم تبق للأخلاط رمادية الا أقل والا أغلظ وذلك يوجب أن تكون النوبة أبطأ ويكون ما كاد يكون ربعا خمسا وفي مثل هذه الحال بالحري أن يكون البدن مستعدا لان يشتعل ويصير دقا وأيضا فان الدق إذا سبق لم يبعد أن يحدث للأخلاط رمادية ما قليلة لقلتها في أواخر الدق ويعرض لتلك الرمادية عفونة فتحدث حمى وقد نهكت الحمى الدقية البدن فتكون رديئة من حيث إنها علامة احتراق خلط ما بقي منه الا يسير فكانت
(٥٧)