فتعرض حينئذ من علامات اشتداد القتال أحوال وأسباب مثل النقع الهائج ومثل الذعر والصراخ ومثل سيلان الدماء ثم يكون الفصل في زمان غير محسوس القدر وكأنه في آن واحد اما بان يغلب السلطان الحامي واما بان يغلب العدو الباغي والغلبة تكون اما تامة يكون فيها من إحدى الطائفتين تمام الهزيمة والتخلية بين المدينة والآخر واما ناقصة يكون فيها هزيمة لا تمنع الكرة والرجعة حتى يقع القتال مرة أخرى أو مرارا فيكون حينئذ الفصل في آخرها وكما أن السلطان إذا غلب على الباغي فنفاه ودفعه فاما ان يطرده طردا كليا حتى يريح فناء المدينة ورقعتها وسائر النواحي المتصلة بها واما أن يطرده طردا غير كلي بل ينحيه عن المدينة ولا يقدر أن ينحيه عن نواح أخرى متصلة بالمدينة كذلك القوة التي تأتى بالبحران الجيد اما ان تطرد المادة المؤذية عن قريعة البدن وهو القلب والأعضاء الرئيسة وعن نواحيها وهي الأطراف واما ان يطردها عن القريعة ولا يقدر أن يدفعها عن الأطراف بل يصير إليها ويسمى بحران الانتقال وكل مرض يزول فاما أن يزول على سبيل البحران أو على سبيل التحلل بان تتحلل المادة يسيرا يسيرا حتى تفنى بالتدريج وأكثر هذا في الأمراض المزمنة والمواد الباردة ولا تتقدمه علامات هائلة وحركات صعبة وكذلك كل مرض يعطب فاما أن يعطب على سبيل البحران أو على سبيل الاذبال وهو أن تحلل القوة يسيرا يسيرا وأفضل البحران هو التام الموثوق به البين الظاهر السليم الاعراض الذي انذر به يوم من أيام الانذار فوقع في يوم بحراني محمود وكل بحران فاما جيد واما ردئ وكل واحد اما تام واما ناقص والجيد اما بأن تدفع الطبيعة المادة دفعا كليا واما بانتقال وقد يكون من البحران الناقص ما يليه اما في الجيد فتحلل واما في الردئ فذبول والبحران الناقص ينذر يومه بيوم البحران التام ان كان انذارا على سبيل ما نبينه من حال أيام البحران وأيام الانذار وذلك في الجيد والردئ معا وليتوقع البحران التام الدفع في أمراض المواد الحادة الرقيقة والقوة القوية وليتوقع بحران الانتقال حيث تكون القوة أضعف والمادة أغلظ والأول أيضا يختلف حاله فإنه إذا كانت المادة فيه شديدة الرقة بحرن بالعرق وان كانت دون ذلك أن كان حادا جدا بحرن بالرعاف والا بالادرار والا فبالاسهال والقئ * واعلم أن المخاط ومدة الاذن والرمص والدمعة من بحارين أمراض الرأس والنفث من بحارين أمراض الصدر وانفتاح دم البواسير بحران جيد لأمراض كثيرة لكنه انما يعتري في الأكثر لمن جرت به عادته وأحد البحارين وأقربها من الفصل الرعاف لأنه يبلغ نفض المادة في كرة واحدة ثم الاسهال ثم القئ ثم البول ثم العرق ثم الخراجات والخراجات من قبيل بحران الانتقال وقد يتفق ان تكون الخراجات أقوى من العرق في البحرانية وكثيرا ما تزول بها الأمراض دفعة ان كانت سليمة أو كانت رديئة تميت الأعضاء فان الخراجات التي تكون بها البحارين تكون من أصناف شتى دماميل ودبيلات وطواعين ونملة وجمرة ونار فارسية وأكلة وجدري وخوانيق وقروح تكثر في البدن وقد يكون البحران أو شئ منه بتعقد العضل والعصب وبالجرب بأصناف والقوباء والسرطان والبرص وبالغدد وداء الفيل والدوالي وانتفاخ الأطراف وغير ذلك ومن أصناف الانتقال ما لا يؤدى إلى الخراج بل يفعل مثل اللقوة والتشنج والاسترخاء وأوجاع الورك
(٧٨)