بالفعل والتطفئة بالأغذية الباردة الرطبة * ثم القول في حميات اليوم فلنبدأ الكلام في حميات العفونة وتمام القول في الحميات الدموية والصفراوية * (المقالة الثانية * كلام كلي في حميات العفونة) * العفونة تحدث اما بسبب الغذاء الردئ إذا كان متهيأ لان يعفن ما يتولد عنه لرداءة جوهره أو لسرعة قبوله للفساد وان كان جيد الجوهر مثل اللبن أو لأنه مائي الغذاء يسلب الدم متانته مثل ما يتولد عن الفواكه الرطبة جدا أو لأنه مما لا يستحيل إلى دم جيد بل يبقى خلطا رديا باردا يأباه الحار الغريزي ويعفنه الغريب مثل ما يتولد عن القثاء والقند والكمثرى ونحوه أو رداءة صنعته أو وقته وترتيبه على ما علمت واما بسبب السدة المانعة للتنفس والتروح بسبب مزاج البدن الردئ إذا لم يطق الهضم الجيد وكان أيضا أقوى مما لا يفعل في الغذاء والخلط شيئا فيتركه فجا ومثل هذا المزاج اما أن يولد أخلاطا رديئة واما ان يفسد ما يولده لتقصيره في الهضم ولتحريكه إياه التحريك القاصر وهذه أسباب معينة في تولد السدد المولدة للعفونة واما بسبب أحوال خارجة من الأهوية الرديئة كهواء الوباء وهواء البطائح والمستنقعات وقد يجتمع منها عدة أمور وأكثر أسباب العفونة السدة والسدة اما لكثرة الخلط أو غلظه أو لزوجته وأسباب كثرة الأخلاط وغلظها ولزوجتها معلومة وايراثها السدة معلوم فإذا حدثت السدة حدثت العفونة لعدم التروح وخاصة إذا كانت معقبة بحركات في غير وقتها على امتلاء وتخمة واستحمامات مثل ذلك أو تشمس أو تناول مسخنات على الامتلاء وترك مراعاة الهضم في المعدة والكبد وتلافي تقصير ان وقع بتسخينهما بالأطلية و الكمادات والعفونة قد تكون عامة للبدن كله وقد تكون في عضو لضعفه أو لشدة حرارته الغريبة وحدتها أو وجعه والخلط القابل للعفونة اما صفراء يكون حق ما يتبخر عنها أن يكون دخانيا لطيفا حادا واما دم حق ما يتبخر عنه أن يكون بخاريا لطيفا واما بلغم يكون حق ما يتبخر عنه أن يكون بخاريا كثيفا واما سوداء حق ما يتبخر عنها ان يكون دخانيا كثيفا غباريا وعفونة الصفراء توجب الغب وما يجرى مجراها وعفونة الدم توجب المطبقة وعفونة البلغم في أكثر الامر توجب النائبة كل يوم وما يجرى مجراها وعفونة السواء توجب الربع وما يجرى مجراها والدم مكانه داخل العروق فعفونته داخل العروق وأما الصفراء والبلغم والسوداء فقد تعفن داخل العروق وقد تعفن خارج العروق وإذا عفنت خارج العروق ولم يكن سبب آخر ولا كانت العفونة في ورم باطن يمد القلب عفونة متصلة أوجبت الدور الذي ذكرنا لكل واحدة فعرض واقلع وان كانت البلغمية لا يقلع الا وهناك بقية خفية وإذا عفنت داخل العروق أوجبت لزوم الحمى ولم تكن مقلعة ولا قريبة من المقلعة بل كانت لازمة دائمة لكن لها اشتدادات تتعرق بها النوبة التي لها وإذا كانت العفونة الداخلة مشتملة على العروق كلها أو على أكثر ما يلي القلب منها لم تكد الاشتدادات والنقصانات تظهر وإذا كانت على خلاف ذلك ظهرت التغيرات ظهورا بينا وانما كانت العفونة الخارجة تقلع ثم تنوب لان المادة التي تعفن تأتى عليها العفونة في مدة النوبة فتفنى رطوباتها التي بها تتعلق الحرارة وتتحلل وتخرج من البدن لأنها غير محبوسة في العروق فيمنعها ذلك عن تمام التحلل وتبقى رماديتها وأرضيتها التي ليست مظنة للحمى والحرارة كما يرى من حال عفونة الأكداس والمزابل قليلا قليلا حتى يترمد الجميع
(١٦)