حراقة يسيرة ومن حيث إنها بسبب ازدياد الحمى وتضاعفها ولا يجب أن ينكر أمراض لم يتفق ان تشاهد في زمان ما أو بلاد ما فان هذا الجنس لا يحصى كثرة ولا أيضا يجب أن يقال انه ان كان خمس فلا بد من مادة خامسة فان السوداء انما دارت ربعا لا لنفس انها سوداء بل لأجل انها قليلة غليظة وقد لا يبعد ان تكون في بعض الأبدان سوداء قليلة غليظة تعرض لها العفونة وليس لقائل ان يقول يجوز في البلغم ان يصير لها نوبة أخرى إذا غلظ وقل فان التجويز امر واسع قلما يتمكن من الزام نقيضه ثم ليس الحال في تجويز ما لم ير قط ولم يسمع ولم يشهد به مجرب أو عالم كتجويز مثل ما شهد به مثل بقراط وقد حدثني ثقة انه قد شاهد التسع واما الخمس فقد شاهدناه مرارا ولم نضطر لذلك إلى أن نقول ان ههنا خلطا آخر * (علاج أصناف هذه الحميات) * يقرب علاج هذه العلة من علاج الربع البلغمية ويحتاج في علاجها إلى فضل صوم وتلطيف للتدبير ونوم هاضم لتتحلل به المادة الغليظة وتنضج ويحتاج أيضا إلى تغليظ تدبير لئلا تخور معه القوة وهما كالمتعاندين ولما لم تكن هذه الحميات بحيث توهن القوة لم نبال بان نلطف التدبير ونستعمل على المريض الصوم مدة وان نتلافى ذلك كلما شئنا بان نغذوه بما يجود غذاؤه ويسرع ويكثر ولا يكون فيه تغليظ للمادة ولا زيادة فيها ومن أنفع المعالجات لذلك القئ بالخربق بزر الفجل والفجل المخربق وجوز القئ وبزر السرمق والاستفراغات بالأيارجات وبعد ذلك استعمال الترياق ونحوه وينفع حينئذ التعريق بالأدوية وبالحمام الحار من غير استعمال الماء ومن غير استعمال المرطبات * (فصل في حمى الدق) * ثم قد علمت أن في الأعضاء رطوبات مختلفة الأصناف منها رطوبات معدة للتغذية ولترطيب المفاصل فمن ذلك ما هو مخزون في العروق ومن ذلك ما هو مبثوث في الأعضاء كالطل وهذان القسمان وأولهما مادة حمى العفونة أو حمى الغليان كما علمت إذ كان الغذاء ليس كله ينفق كما يحصل بل قد يبقى منه ما هو في سبيل الانفاق وما هو في سبيل الادخار ومنها رطوبات قريبة العهد بالجمود وهي الرطوبات التي صارت بالفعل غذاء أي انجذبت إلى المواضع التي هي ابدال لما يتحلل منه وصارت زيادة فيه متشبهة به الا ان عهدها بالسيلان قريب فهي غير جامدة ومنها رطوبات بها تتصل أجزاء الأعضاء المتشابهة الاجزاء من أول الخلقة وببطلانها تصير إلى التفرق والتبدد مثال الرطوبة الأولى دهن السراج المصبوب في المسرجة ومثال الثاني الدهن المتشرب في جرم الذبال ومثال الثالث الرطوبة التي بها تتصل أجزاء قطن اتخذ منه الذبال فإذا اشتعلت الأعضاء الأصلية وخصوصا القلب كان ذلك هذا المرض الذي هو الدق على ما علمت وحرارة الكبد قد تؤدى إلى الدق لكن لا تكون نفسها دقا بل الدق ما كان بسبب القلب وكذلك حال الرئة والمعدة لكنه ما دام يفنى الرطوبات التي من القسم الأول من الأعضاء وخصوصا من القلب كما يفنى المصباح الادهان المصبوبة في المسرجة فهو الدرجة الأولى المخصوصة باسم الجنس وهو الدق وباليونانية اقطيفوس إذ ليس لها في نوعيتها اسم فإذا فنيت الرطوبات التي هي من القسم الأول واخذت في تحليل الرطوبات التي هي من القسم الثاني وفي افنائها كما إذا أفنت الشعلة الدهن المفرغ في المسرجة واخذت تفنى المتشرب في جرم الذبال كانت الدرجة الثانية وتسمى ذبولا وماريسموس ولها عرض وابتداء وانتهاء ووسط ثم لا يفلح
(٥٨)