فالمرض حاد والا فهو غير حاد ومن النافض فإنه إذا كان طويل المدة فالمرض إلى زمان وان كان قصير المدة فالمرض إلى حدة وإذا لم يكن نافض البتة فهو أقصر جنسه وقد تتعرف أوقات المرض من جهة أوقات النوائب فإنها إذا كانت مستمرة على التقدم متفاضلة فإنه يتقدم تفاضلا آخذا إلى الازدياد فالمرض في التزيد وذلك أن من الأمراض ما يجرى إلى آخر أوقاتها على التزيد وقد يكون من جنس الغب ومن جنس المواظبة وان كانت قد وقفت بعد التقدم ووقفت الفضول فيوشك ان يكون المرض في المنتهى وان تأخرت فالمرض في الانحطاط والحافظة لساعة واحدة طويلة المدة وكذلك يتعرف حال الأوقات من تزايد اعراض الحمى ووقوفها ونقصانها ومن تزيد نوبتها في طولها وقصرها وربما تخالفت ولم تتشابه وقد تتعرف من حال الاستفراغات فإنه إذا اعرض في نوبة ما عرق أو اسهال وكانت النوبة التي بعدها في مثل شدة الأولى أو فوقها فالاستفراغ للكثرة لا للقوة والمرض يؤذن بطول وقد تتعرف من جهة النضج وضد النضج على ما ذكرناه مثلا إذا ظهر نفث مع نضج ماء أو بول فيه غمامة ما فهو أول التزيد ثم إذا كثر ذلك وظهر أو ضده فهو المنتهى وأيضا إذا ظهر النضج أو خلافه سريعا من نفث أو غمامة فاعلم أن المنتهى قريب وان تأخر فاعلم أن المنتهى بعيد واما تعرف الأوقات الجزئية فان وقت النوبة هو الوقت الذي ينضغط فيه النبض وقد علمت معناه ويكمد لون الأطراف ويبرد الأطراف خاصة طرف الاذن والأنف إلى الوقت الذي يحس فيه بانتشار الحرارة وربما صحب الابتداء تغير لون وكسل وغم وابطاء حركات وسبات واسترخاء جفن وثقل كلام وقشعريرة بين الكتفين والصلب وربما عرض له فيه نافض قوى وربما عرض سيلان الريق واختلاج الصدغين وطنين الاذنين وعطاس وتمدد أعضاء البدن وأشد ما تضعف القوة تضعف في الابتداء وفي الانتهاء ووقت التزيد نصفه الأول هو الوقت الذي يأخذ النبض في الظهور والعظم وفي السرعة وتنتشر الحرارة في جميع البدن على السواء ونصفه الأخير هو الوقت الذي لا تزال هذه الحرارة المنتشرة بالاستواء تتزيد ووقت الانتهاء هو الوقت الذي تبقى فيه الحرارة والاعراض بحالها ويكون النبض أعظم ما يكون وأشد سرعة وتوترا ووقت الانحطاط هو الوقت الذي يبتدى فيه النقصان ويأخذ النبض يعتدل ويستوى ثم الذي يأخذ فيه البدن يعرق ويؤدى إلى الاقلاع وكثيرا ما يعرض عند الموت حال كالانحطاط وكان المريض قد اقبل ويجب أن لا يشتغل بذلك بل يتعرف حال النبض هل عظم وقوى وإذا رأيت أن تضرب لك مثلا من الغب فتأمل ان الغب في أكثر الأحوال يبتدئ فيه قشعريرة ثم برد ونافض ثم يسكن النافض ويقل البرد ويأخذ في التسخن ثم يستوى التسخن ثم يتزيد ثم يقف ثم يأخذ ينتقص إلى أن يقلع واعلم أن المرض تطول مدته اما لكثرة المادة واما لغلظها واما لبردها وقد يعين عليه الزمان والبلد الباردان وضعف الحرارة الغريزية واستحصاف الجلد * (فصل كلام كلي في حميات اليوم) * ان أسباب كل أصناف حمى يوم هي الأسباب البادية المسخنة بالذات أو المسخنة بالعرض من جملة الملاقيات والمتناولات والانفعالات البدنية والنفسانية ومن الأوجاع والأورام الظاهرة وقد يكون منها من السدد ما ليس سببه بباد ولا يبلغ أسبابها باشتدادها إلى أن تجاوز ما يشعل الروح فإنها ان جاوزت ذلك أوقعت في الدق
(٥)