فتميل اخلاطه إلى سوداء عفنة فيعرض لخلقته أيضا ان تتشوش حين عرض لمزاجه ان يتغير كما يعرض للمجذومين وربما ورم بدنه واستحال لونه إلى الرمدة ويزداد تماديا في أسباب فساده فإنه يجوع فلا يأكل ويعطش فلا يشرب الماء وإذا لقي الماء فزع منه وعافه وربما ارتعش منه وارتعد وأكثر الارتعاش يكون في جلدة وجهه بل ربما مات منه خوفا وخصوصا في آخر أمره وتعرض لبصره غشاوة ويكون دائما لاهثا مجنونا لا يعرف أصحابه فتراه محمر العينين شزر النظر منكره دالع اللسان سائل الريق زبديه سائل الانف أذنه قد طأطأ رأسه وأرخى اذنيه فهو يحركهما وقد حدب ظهره وعطف صلبه إلى جانب فتراه قد عوجه إلى جانب والى فوق وقد استقر ذنبه يمشى خائفا مائلا كأنه سكران كئيب مغموم ويتغير كل خطوة وإذا لاح له شبح ماثل عدا إليه حاملا عليه سواء كان حائطا أو شجرة أو حيوانا وقلما تقرن حملته نبيحه إلى ما يحمل عليه على عادة الكلاب بل هو ساكت زميت وإذا نبح رأيت نباحه أبح وترى الكلاب تنحرف عن سبيله وتفرعنه وهو بعيد فان دنا من بعضها غفلة تبصبعت له وتخاشعت بين يديه ورامت الهرب منه والذئب شر من الكلب وكذلك ما في قدره من الضباع وبنات آوى * (فصل في ذكر ما يكلب غير ما ذكرناه) * قيل إن الثعلب يكلب وابن عرس يكلب وقال بعضهم ان بعض البغال كلب فعض صاحبه فجن صاحبه الجنون الذي يعرض من سائر الكلبي * (فصل في أحوال من عضة الكلب الكلب) * إذا عض الكلب الكلب انسانا لم ير الا جراحة ذات وجع كسائر الجراحات ثم يظهر عليه بعد أيام شئ من باب الفكر الفاسد والأحلام الفاسدة وحالة كالغضب والوسواس واختلاط العقل وإجابة بغير ما يسئل عنه وتراه يشنج أصابعه وأطرافه يقبضها إليه ويهرب من الضوء واختلاج الحجاب وفواق وعطش ويبس فم وهرب من الزحمة وحب استفراد وربما أبغض الضوء وتحمر أعضاؤه وخصوصا وجهه ثم يتقرح وجهه ويكثر وجعه ويبح صوته ويبكي ثم في آخرة يأخذ في الخوف من الماء ومن الرطوبات وكلما قربت منه تخيل الكلب فخاف منه وربما لم يفزع بل استقذره وربما أحب التمرغ في التراب وربما حدث به زرق المنى بلا شهوة ويؤدى لا محالة إلى تشنج وكزاز وتأد إلى عرق بارد وغشي وموت وربما مات قبل هذه الأحوال عطشا وربما اشتهى الماء ثم استغاث منه إذا لقيه وربما تجرع منه فغص به ومات وربما فبح كالكلاب وكان أبح وربما انقطع صوته فصار كالمسكوت لا يستطيع ان ينادى وربما بال شيئا تظهر فيه أشياء لحمية عجيبة كأنها حيوانات وكأنها كلاب صغار واما في أكثر الأحوال قبوله رقيق وربما كان اسود وقد يحتبس بوله فلا يقدران يبول البتة ويكون بطنه في الأكثر يابسا ومن عجائب أحواله انه يحرص على عض الانسان فان عض انسانا بعد هيجانه عرض لذلك لانسان ما يعرض له وكذلك سؤرمائه وفضلة طعامه يعملان بمن يتناولهما ذلك وما فزع منهم من الماء أحد فيخلص بعلاج أو غيره خصوصا ذا رأى وجهه في المرآة فلم يعرف نفسه أو تخيل له فيها كلب الا رجلين فيما زعم الأوائل عاشا في مثل هذه الحال ولم يكن الكلب نفسه عضهما بل انما كان قد عضهما انسان عضه كلب كلب واما قبل الفزع من الماء فعلاجه قريب وقد يقتل ما بين أسبوع ونحوه إلى ستة أشهر والأجل العدل أربعون يوما وقد ادعى قوم لم يصدقوا انه
(٢٤٩)