فعادت خضرته * (فصل في تدبير الناقة) * يجب أن يرفق بالناقه في كل شئ ولا يورد عليه ثقيل من الأغذية ولا شئ من الحركات والحمامات والأسباب المزعجة حتى الأصوات وغير ذلك ويدرج إلى رياضة معتدلة رفيقة فإنها نافعة جدا وان يشتغل بما يزيد في دمه ويجب أن يودع وبفرح ويسر ويجنب الاستفراغات وخصوصا الجماع والشراب بالاعتدال نافع له خصوصا من الشراب اللطيف الرقيق وأولى الناقهين بان يحجر عليه التوسع ناقة كان خفى البحران فإنه مستعد للنكس ومثله ربما احتاج إلى استفراغ وأصوبه الاسهال اللطيف لا سيما إذا رأيت البراز مراريا أو مائلا إلى لون خلط وقوامه من الأخلاط التي كان منها الحمى ورأيت في الشهوة خللا وإذا أردت ذلك فارح الناقة وقو قوته برفق ثم استفرغه وربما احتجت إلى أن يستفرغ ويقوى معا بالتغذية وحينئذ فاجعل أغذيته دوائية مسهلة أو امزج بها قوى أدوية مسهلة موافقة كالإجاص والشيرخشك والترنجبين ونحو ذلك لأصحاب المرار وقد ينتفعون بالادرار فتنقى به عروقهم وقد تفعل ذلك هذه المدرات المعروفة ويفعله الشراب الممزوج وأما الفصد فقلما يحتاج إليه الناقة وربما احتاج أيضا وتدل عليه السحنة وعلامات الدم لا سيما إذا وجدت للحمى كالتعقد في العروق ورأيت بثورا في الشفة وربما أحوجك إلى فصد المحموم رداءة دمه لما بقى فيه من رمادية الأخلاط الرديئة فيلزمك أن تخرج دمه الردئ وتزيد فيه الدم الجيد ويكون الأولى في ذلك أن ترفق ولا تفعل شيئا دفعة ونوم النهار ربما ضر بالناقه بارخائه إياه وربما نفعه باحمامه وإذا لم يوافق فربما جلب حمى بما يفجج ويكسر من قوة الحار الغريزي والاحتياط في جميع الناقهين نقيهم وغير نقيهم أن يجرى أمره على التدبير الذي كان في المرض من المزورة وغيرها يومين فثلاثة فيما يليها وبالجملة مقدار أن يجاوز اليوم الباحوري الذي يلي يوم صحته ثم يرفع إلى ما فوقه ويجب للناقه النقي والذي كانت حماه سليمة أن لا يلطف تدبيره فيحمي بدنه وتسوء حاله ويجب أن يرد من ضمر وهزل في أيام قلائل إلى الخصب لان قوته ثابتة ويفعل مع خلافه خلاف ذلك وان لم يشته الناقة ففيه امتلاء وان اشتهى ولم يسمن عليه فهو يحمل على نفسه فوق طاقته وفوق طاقة طبيعته فلا تقدر على أن تستمر به وتفرقه في البدن أو في بدنه أخلاط كثيرة والطبيعة مشغولة بها أو قوة معدته ساقطة جدا أو قوة جميع بدنه وحرارته الغريزية ساقطة فلا تحيل الغذاء حالة تصلح لامتياز الطبيعة منه وأمثال هؤلاء وان اشتهوا في أوائل أمرهم الطعام فقد تؤل بهم الحال إلى أن لا يشتهوا الان الآفات والامتلاء من الأخلاط الرديئة تقوى وتزيد ولإن لا يشتهى ثم يشتهى لانتعاش قوته خير من أن يشتهي ثم لا يشتهي فان دام الاشتهاء ولم يتغير البدن إلى القوة والعبالة فقوة الشهوة وآلتها صحيحتان وقوة الهضم وآلته ضعيفتان فالأولى أن يدرج الناقة من الطيهوج والفروج إلى الجدي ولا يرجعن إلى العادة وبعد في العروق ضيق والسكنجبين ربما أسحجهم لضعف أمعائهم وكذلك كل الحوامض ومن تدبير الناقهين نقلهم إلى هواء مضاد لما كان بهم ومن تدبير الناقهين مراعاة ما يجب ان يحذر من نوع مرضه ليقابل بما يؤمن عنه كالمبرسمين فإنه يجب ان يخاف عليهم خشونة الصدر ولا يجب أن يعرق الناقة في الحمام فيتحلل لحمه الضعيف وإذا كثر
(١٠٦)