حساس تبعه الوجع الشديد كيف كان ويلزمه أن تظهر عروق ذلك العضو الصغار التي كانت تخفى * واعلم أن اسم الفلغموني في لسان اليونانيين كان مطلقا على كل ما هو التهاب ثم قيل لكل ورم حار ثم قيل لما كان من الورم الحار بالصفة المذكورة ولا يخلو عن الالتهاب لاحتقان الدم وانسداد المنافس * والفلغموني قلما يتفق ان يكون بسيطا وهو في الأكثر يقارن حمرة أو صلابة أو تهيجا وله أسباب منها سابقة بدنية من الامتلاء أو رداءة الأخلاط مع ضعف العضو القابل أو ضعف العضو القابل وان لم يكن امتلاء ولا رداءة أخلاط ومنها بادية مثل فسخ أو قطع أو كسر أو خلع أو قروح تكثر في العضو فتميل إليه المادة للوجع والضعف وربما مالت إليه المواد فاحتبست في المسالك التي هي أضعف كما تعرض مع القروح والجرب المؤلم أورام في المواضع الخالية وتزيده يتبين بتزيد الحجم والتمدد وانتهاؤه بانتهائه وهنالك تجمع المدة ان كان يجمع وانحطاطه بأخذه إلى اللين والضعف والردي هو الذي لا يأخذ إلى الانحطاط ولا يجمع المدة ومثل هذا يؤدى إلى موت العضو وتعفنه وكثيرا ما يكون ذلك لعظم الورم وكثرة مادته وكثيرا ما يكون بسبب خبث المادة وان كان الورم صغيرا وأنت تعلم ما ينفش بان الضربان يأخذ في الهدء واللهيب في السكون وتعلم ما يجمع بازدياد الضربان والحرارة وثباتهما وتعلم ما يعفن بعسر النضج والكمودة وشدة التمدد واعلم أنه ما لم تقهر الطبيعة المادة لم يحدث منها ورم وفلغموني في الظاهر واعلم أنه إذا تجاورت بثور دملية أنذرت بدمل جامع ويجب ان يسقى صاحب الأورام الباطنة ماء الهندبا وماء عنب الثعلب بفلوس الخيار شنبر * (فصل في علاج الفلغموني) * إذا حدث الفلغموني عن سبب باد لم يخل اما ان يصادف السبب البادي نقاء من البدن أو امتلاء فان صادف نقاء لم يحتج الا إلى علاج الورم من حيث هو ورم وعلاج الورم من حيث هو ورم اخراج المادة الغريبة التي أحدثت الورم وذلك بالمرخيات والمحللات اللينة مثل ضماد من دقيق الحنطة مطبوخا بالماء والدهن وربما اغنى عن الشرط وكفى المؤنة وخصوصا إذا كان الورم كثير المادة فاما إذا صادف من البدن امتلاء فيجب ان لا يمس الورم بالمرخيات فينجذب إليه فوق ما يتحلل عنه بل يجب ان يستفرغ المادة بالفصد وربما احتيج إلى اسهال فإذا فعلت ذلك استعملت المرخيات ويقرب علاجه من علاج ما كان سببه الامتلاء البدني ويفارقه في أنه ليس يحتاج إلى ردع كثير في الابتداء كما يحتاج ذلك بل دونه واما ان كان السبب سابقا غير باد فيجب ان يبدأ بالاستفراغ وتوفية حقه من الفصد ومن الاسهال ان احتيج إليه والحاجة إليه تكون اما لان البدن غير نقى واما لان العلة عظيمة فلابد من استفراغ وتقليل للمادة وجذب إلى الخلاف وان كان البدن ليس كثير الفضول فان لعضو قد يحدث به ما يضعفه فتنجذب إليه واد البدن وان لم تكن مواد فضل ويجب ان تراعى الشرائط المعلومة في ذلك من السن والفصل والبلد وغير ذلك ولنبدأ بالروادع الا في الموضع الذي شرطناه في الكتاب لأول ثم يحاذى التبريد بادخال المرخيات مع الروادع وكما يمعن في التبريد يمعن في زيادة المرخيات قليلا قليلا وعند المنتهى والوقوف وبلوغ الحجم والتمدد غايته تغلب المرخيات وتصرفها والمجففات منها هي المبرئة في المنتهيات واما المرخيات الرطبة فلتوسيع المسام واسكان الوجع والمجفف هو الذي يبرئ ويمنع ان يبقى شئ يصير مدة فان لم يبرأ
(١١٤)