الانسان ولا يقتل الزرازير لأنه لا يصل في الزرازير إلى القلب الا بعد مدة قد انفعل فيها عن البدن الانفعال الذي ما بقى بعده الا انفعال الاستحالة غذاء وفي الانسان يستعجل قبل ذلك لسعة مجاريه وشدة حرارته وقوة حركات شرايينه الجاذبة وأقول هذا وجه مالكن المناسبات أيضا بين القوى الفاعلة والمنفعلة مما يجب ان يراعى ومن أين علم أن القونيون سم بالقياس إلى المزاج العريض الذي للحيوان مطلقا إذا تمكن حتى يكون قاتلا إذا تمكن من مثل الانسان غير قاتل إذا لم يتمكن من مثل الزرزور فعسى ان القونيون ليس بسم بالقياس إلى مزاج الزرزور ولو لم يستحل غذاء ووصل إلى قلبه وصوله إلى قلب الانسان بسهولة لم يقتل قال وقد كانت بعض العجائز تناولت في أول الامر من البيش شيئا قليلا جدا ثم لم تزل تلازمه حتى ألفته الطبيعة وتجرأت عليه وماضرها شيئا وقد حدث روفس انه قد يغذي الجارية بالسم ليقتل بها الملوك الذين يباشرونها وانه يبلغ مزاجها مبلغا عظيما حتى يقتل لعلبها الحيوان ولا يقرب لعابها الدجاج * (فصل في الاستدلال على أصناف السموم) * قد يستدل عليها بما يحدث في البدن من الأوصاب فان حدث شبه لذع وتقطع ومغص وأكال عرف ان السم من قبيل الأدوية الحارة الحادة الحريفة مثل الزرنيخ والسك والزنبق المقتول وان حدث التهاب شديد ودرور العرق وحمرة العين وكرب وعطش دل على أنه سم بحرارته فقط مثل الفربيون وان حدث سبات وخدر وبرد دل على أن السم من قبيل المخدرات وان لم يظهر الا سقوط قوة وعرق بارد وغشي فهو من السموم التي تضاد الانسان بجملة الجوهر وهو أردؤها وقد يستدل عليها بالروائح اما رائحة البدن كله فمثل سطوح رائحة الأفيون من شاربه واما رائحة عضو منه كرائحة الفم عند شرب السموم المعفنة مثل أرنب البحر وأفونيطن والذراريح وقد يستدل عليه بالتقيئة فإنه إذا قيئ المسموم لم يعبد ان يقع البصر على جوهر ما سقى منه أو بعرف بالرائحة أو بالطعم مثل ما يقع البصر على المرادسنج والجبسين وعلى الدم الجامد واللبن المنعقد وكذلك الأفيون يعرف بالرائحة والأرنب البحري والضفدع بالسهولة * (فصل في العلامات الرديئة) * إذا اخذ المسموم يغشى عليه وتتقلب حدقتاه فيغيب سوادها فلا يرجى وكذلك إذا احمرت عينه ودلع لسانه وسقوط النبض والعرق البارد دليل سوء وفي مثل هذا الحال قلما يعيش * (فصل في قانون علاج من سقى سما) * يجب ان لا يدافع بل يبادر كما يحس به قبل ان تفشو قوته في البدن ويشرب ماء فاتر أو دهن الشيرج والزيت ويتقيأ ويبالغ في ذلك ما أمكن والأجود ان يكون فيه قوة من شبث وبورق وقد يخلط بالزيت الحضض وشحم الإوز ويستحب ان يكون الذي يشربه للقئ من ذلك ومن غيره ماء كثيرا وأغذية كثيرة فإنها وان لم تقيئها فتكسر السم وتغلبه وإذا تقيأ ما أمكنه ثم شرب اللبن الكثير فإنه يكسر عادية السم ولا بأس لو انقذف عنه وأيضا ان شرب طبيخ بزر الأنجرة مع السمن دفع السم قيأ واسهالا ثم يشرب اللبن والزبد أجود من اللبن وأيضا طبيخ بزر الكتان وكذلك الشراب الحلو بشحم الإوز المذاب وكذلك ماء رماد حطب الكرم ويجب ان يتبع القئ بالحقنة خصوصا إذا أحس بنزول
(٢١٩)