* (فصل في اختلاف الأحوال في التعرق وغيره) * النوم أكثر تعريقا من اليقظة لان تصرف الحار الغريزي في الرطوبات فيه أكثر ولأن أداء النفس فيه أصعب وذلك محرك للمواد إلى الباطن قال بقراط العرق الكثير في النوم من غير سبب يوجب ذلك يدل على أن صاحبه يحمل على بدنه من الغذاء أكثر مما يحتمل فان كان ذلك من غير أن ينال صاحبه من الطعام فاعلم أنه يحتاج إلى استفراغ والسبب في ذلك أن العرق الكثير مع صحة من القوة لا يكون الا لكثرة مادة من حقها أن تدفعها الطبيعة وتلك الكثرة اما أن تكون بسبب قريب وهو الامتلاء القريب والامتلاء القريب هو من المطعومات الوقتية ومثل هذا الامتلاء يدفعه الجوع أو الرياضة أو العرق الذي اندفع بالطبع واما أن يكون بسبب متقادم بعيد وهو من الفضول السابقة ولا يغنى في مثلها الا الاستفراغ المنقى للبدن منها وأما العرق فإنه ربما لم يخرج منه الا اللطيف الرقيق القليل وترك الفاسد العاصي في البدن وغادر الطبيعة تحت ثقل الخلط الفاسد وذلك مما يضعفها واعلم أنه كلما كانت الحرارة الغريزية أقوى كان التحلل أخفى فلم يكن عرق الا أن تكون أسباب أخرى ولذلك صار العرق خارجا عن الطبيعة لأنه اما عن امتلاء وكثرة وشدة اتساع مسام وأما العجز من القوة عن الهضم الجيد واما لشدة حركة * (فصل في الأيام التي يكثر فيها العرق ويقل) * أكثر ما يكون العرق في الأمراض الحادة في الثالث والخامس ويقل في الرابع بل يقل أن تبحرن به هذه الأمراض في الرابع الا في الندرة وقلما يتفق على ما زعم المجربون ان يعرق المريض في السابع والعشرين والواحد والثلاثين والرابع والثلاثين * (فصل في وجوه الاستدلال من العرق) * العرق يدل بملمسه هل هو حار أو بارد ويدل بلونه هل هو صاف أو إلى الصفرة أو إلى الخضرة ويدل بطعمه هل هو مر أو حلو أو إلى حموضة ويدل برائحته هل هي منتنة أو حامضة أو حلوة أو غير ذلك ويدل بقوامه هل هو رقيق أو لزج ويدل بمقداره هل هو كثير أو قليل ويدل بموضعه هل هو سابغ أو قاصر وانه من أي عضو هو ويدل من وقته هل هو في الابتداء أو الانتهاء والانحطاط ويدل بعاقبته هل يعقب خفا أو يعقب اذى ونافضا وقشعريرة وغير ذلك * (فصل في العلامات المأخوذة من جهة العرق) * العرق البارد مع حرارة الحمى علامة رديئة جدا وخصوصا ما اختص بالرأس والرقبة وينذر يغشى وان لم يكن باردا فكيف البارد وهو أردأ أصناف العرق لأنه يدل على غشي كان ليس على غشي يكون فان كانت الحمى عظيمة فالموت قريب ولن يكون عرق بارد الا وقد سقطت الحرارة الغريزية فلا تحفظ الرطوبات بل تخلى عنها فتفرقها وتبخرها الحرارة الغريبة ثم تفارقها تلك الحرارة لغربتها فيبرد العرق المنقطع ردئ والعرق الكثير يدل على طول من المرض لكثرة مادته ولا يوافق صاحبه الفصد و الاسهال لضعفه بل الحقن اللينة والعرق إذا لم يوجد عقيبه خف فليس بعلامة جيدة فان وجد عقيبه زيادة اذى فهو علامة رديئة ولو كان أيضا عاما للبدن والعرق المسارع من أول المرض ردئ يدل على كثرة المادة اللهم الا ان يكون السبب فيه رطوبة الهواء لأمطار كثيرة فيكون مع رداءته أقل رداءة وكثيرا ما يبتدئ المرض بالعرق ثم تتبعه الحمى وتطول وإذا حدث
(٩٦)