تفاوت اشتدادها وفتورها غير محسوس وأعراضها شديدة والسبب حدة المادة وكثرتها إذ وقوعها بقرب القلب وفي عروق فم المعدة أو في نواحي الكبد خاصة وبالجملة الأعضاء الشريفة المقاربة للقلب واما في الغب فان الصفراء تكون في اللحم وإلى الجلد وفي الدائمة تكون مبثوثة في عروق البدن التي تبعد عن القلب وشدة العطش والكرب والقلق والأرق والهذيان والغثيان ومرارة الفم وتبثر الشفاة وتشققها والصداع يكثر في الحميات الصفراوية وتكون الطبيعة في أكثرها إلى اليبوسة لان المادة اما متحركة إلى الأعالي واما إلى ظاهر البدن والجلد * (فصل في الغب مطلقا ويسمى طريطاوس) * نوبة الغب تأخذ أولا بقشعريرة ونخس كنخس أبر ثم تبرد وتأخذ في نافض صعب جدا أشد من سائر النوافض غير بارد أو قليل البرد وليس برده الا لغور الحرارة إلى الباطن نحو المادة ويجد كنخس الأبر وهذا النافض مع شدته سريع السكون والسخونة وقد علمت سبب مثل هذا النافض ويكون النافض فيه في الأيام الأول أقوى وأشد وفي الربع بخلافه وأيضا فان النافض يبتدئ بقوة ثم يلين قليلا قليلا وينقضي بسرعة وفي الربع بخلافه والعرق يكثر في الغب عند الترك ويكون البول فيه احمر إلى نارية لا كثير غلظ فيه أو تكون غير خالصة فيكون بوله فجا أو غليظا وحرارة الغب أسلم من حرارة المحرقة واليد كلما طال لمسها للبدن لم يزدد التهابا بل ربما نقص التهابها وفي المحرقة يزداد التهابها والعوارض التي تعرض في الغب السهر بلا ثقل في الرأس الا في بعض غير الخالصة والعطش والضجر والغضب وبغض الكلام ويكون النبض حادا سريعا بالقياس إلى نبض سائر الحميات ولا يكون مستوى الانقباض والانبساط لان الخلط يجهده ويزيده اختلافا عند المنتهى والاختلاف فيه دون ما في سائر الحميات الخلطية وأقل مما في غيره مع صلابته ويكون النبض أقوى فيه بل لا اختلاف فيه في الأكثر الا الاختلاف الخاص بالحمى من دون غيره وفي الابتداء لا بد من تضاغط النبض إلى وقت انبساط الحمى ثم يقوى ويسرع ويتواتر ويكون اختلافه ليس بذلك المفرط وقد يدل عليه السن والعادة والبلد والحرفة والسحنة والفصل وكثرة وقوع الغب في ذلك الوقت فإذا تركبت غبان كانت النوائب عائدة كل يوم فمن راعى الغب بالنوبة غلط فيه بل يجب أن يراعى الدلائل الأخرى والنوائب تؤكدها وأصحاب الغب قد يعرض لهم سهر وحب خلوة وكثيرا ما يحسون بغليان عند الكبد * (الفرق بين الغب الخالصة وغير الخالصة) * الخالصة لطيفة خفيفة تنقضي نوبتها من أربع ساعات إلى اثنتي عشرة ساعة لا تزيد عليها كثيرا فان زادت زيادة كثيرة فهي غير خالصة وهي في الأكثر إلى سبع ساعات ويسخن فيها البدن بسرعة وترى الحرارة تنبعث من البدن والأطراف بعد بارده وكذلك الخالصة لا تزيد إذا لم يقع غلط على سبعة أدوار وربما انقضت للطافة مادتها في نوبة واحدة يقع فيها قئ أو اسهال منق ويظهر النضج في البول في أول يوم أو في الثالث أو في الرابع أو في السابع فان زادت على سبعة أدوار زيادة كثيرة فهي من جملة الغير الخالصة وكذلك ان طالت مدة نافضها وتكون تزيد نوائبها ويقدم نفضها على نمط محفوظ النسب متشابهها وفي غير الخالصة يكون ذلك مختلفا غير مضبوط وكذلك إذا تشابهت النوائب على حد واحد وسائر علامات طول الحمى مما قد علم وإذا رأيت الابتداء بنافض على ما حددناه والانتهاء بعرق غزير فلا تشك أنها خالصة والخالصة
(٣٤)