الذي بالذات هو العفونة والورم ليس بسبب لها إلا بالعرض ونقول ان لم يعن بحمى عرض هذا بل عنى انها تابعة للورم وجودها بوجود الورم فكذلك حال حميات العفونة بالقياس إلى العفونة لكن الاشتغال بأمثال هذه المناقشات مما لا يجدى في علم الطب شيئا ويجعل الطبيب متخطيا من صناعته إلى مباحث ربما شغلته عن صناعته فلنجر على ما اعتيد من ذلك فنقول لتكن حميات الأورام والسدد حميات العرض ولنقل انه لما كان جميع ما في بدن الانسان ثلاثة أجناس أعضاء حاوية لما فيه من الرطوبات والأرواح قياسها قياس حيطان الحمام ورطوبات محوية وقياسها قياس مياه الحمام وأرواح نفسانية وحيوانية وطبيعية وأبخرة مبثوثة وقياسها قياس هواء الحمام فالمشتعل بالحرارة الغريبة اشتعالا أوليا وهو الذي إذا طفئ هو برد ما يجاوره وإذا برد ما يجاوره لم يجب أن يطفأ هو بل يمكن أن يبقى وان يعود فيسخن ما يجاوره يكون أحد هذه الأجسام الثلاثة التي لا توجد في الانسان جنسا جسمانيا خارجا عنها فان تشبثت الحمى بالأعضاء الأصلية التشبث الأول كما يتشبث الحريق مثلا بحيطان الحمام أو بزق الحداد أو بقدر الطباخ فذلك جنس من الحميات يسمى حمى دق وان تشبثت الحمى تشبثها الأولى بالأخلاط ثم فشت منها في الأعضاء كما يتفق أن يصب الماء الحار في الحمامات فتحمى جدرانه بسببه أو مرقة حارة في القدر فتحمى القدر بسببها فذلك جنس من الحميات تسمى حمى خلط وان تشبثت الحمى تشبثها الأولى بالأرواح والأبخرة ثم فشت منها في الأعضاء والاخلاط كما يتفق أن يصير إلى الحمام هواء حار أو يوقد فيه فيسخن هواؤه فيتأدى إلى الماء وإلى الحيطان فذلك جنس من الحميات تسمى حمى يوم لأنها متشبثة بشئ لطيف يتحلل بسرعة وقلما تجاوزت يوما بليلته ان لم تستحل إلى جنس آخر من الحميات فهذه قسمة للحميات بالوجه القريب من القسمة الواقعة بالفصول وقد تقسم الحميات من جهات أخرى فيقال ان من الحميات حميات حادة ومنها غير حادة ومنها مزمنة ومنها غير مزمنة ومنها ليلية ومنها نهارية ومنها سليمة مستقيمة ومنها ذات اعراض منكرة ومنها مفترة ومنها لازمة ومن اللازمة ما لها اشتدادات وسورات ومنها ما هي متشابهة ومنها حارة ومنها باردة ذات نافض أو قشعريرة ومنها بسيطة ومنها مركبة * (فصل في المستعدين للحميات) * قالوا ان أشد الأبدان استعدادا للحميات هي الأبدان الحارة الرطبة وخصوصا إذا كانت الرطوبة أقوى من الحرارة وهؤلاء يكونون منتني العرق والبول والبراز والأبدان الحارة اليابسة أيضا مستعدة للحميات الحادة تبتدئ يومية ثم تسرع إلى العفن والاحتراق وربما أوقعت في الدق ويتلوهما التي يتساوى فيها الرطوبة واليبوسة وتستولي الحرارة وهذان من جنس ما يبتدئ فيه حمى البخار الحار ثم تنتقل إلى حمى الخلط ثم التي يتساوى فيها الحر والبرد وتكثر الرطوبة وهذه انما تعرض لها حميات العفونة في أكثر الامر ابتداء والأبدان الباردة الرطبة والأبدان اليابسة أبعد الأبدان من الحميات وخصوصا اليومية * (فصل في أوقات الحميات) * ان للحميات أوقاتا كما لسائر الأمراض من ابتداء وصعود ووقوف عند المنتهى وانحطاط وقد تكون هذه الأوقات كلية وقد تكون جزئية بحسب
(٣)