* (بسم الله الرحمن الرحيم) * * (الفن السابع في الزينة ويشتمل على أربع مقالات) * * (المقالة الأولى في أحوال الشعر وفي الحزاز) * * (فصل في ماهية الشعر) * الشعر يتولد من البخار الدخاني إذا انعقد المسام ونبت عليها بما يستمد من المدد وخصوصا إذا كانت رطوبة البدن لزجة دهنية ليست بمائية ولا طينية كما أن الأشجار الدهنية لا ينتثر ورقها وقد قيل في الكتاب الأول في سواده وشيبه وسائر ألوانه ما قيل لكن المتعلق من الكلام فيه بالزينة تدبير جوهره بالاثبات والتمريط وتدبير عدده بالتكثير والتقليل وتدبير حجمه بالتغليظ والتدقيق والتطويل وتدبير شكله بالتسبيط والتجعيد وتدبير لونه بالتسويد والتشقير والتبييض ونحن متكلمون في هذه المقالة على هذه المعاني * (فصل في سبب بطلان الشعر) * الشعر يبطل أو ينقص اما بسيب في المادة أو بسيب في الشئ الذي فيه ينبت والسبب في المادة ان تقل أو تعدم والقلة اما بسبب ما يغمره أو يغيره أو بسبب قلة أصل الجوهر مثل قلة البخار الدخاني في الصبي و المرأة لكثرة البخار الرطب فلا تنبت لحيته واما قلة أصل الجوهر فاما لعارض واما لانتهاء الطبيعة إليه أما الذي للعارض فكما يعرض للناقهين إذا شفتهم الأمراض الطويلة والسلية والدقية فلم تبق لهم مادة يغتذى منها الشعر فيسقط ولا ينبت مثل ما يعرض للنبات المستسقى إذا لم يسق وكما يعرض للخصيان من تشبههم بالنساء في الرطوبة والبرد بسبب خصائهم وبسبب ان ما كان يتكون منيا يتراكهم فيهم ويبرد ويتأدى برده إلى الأعضاء الشريفة فيبردها فلذلك لا تتحلل رطوباتهم إلى الجفاف وما تحلل لا يبقى في المسام لقلته ورقته بل يخرج وكما يعرض لمن أدام العمائم الثقال على رأسه وأما الذي هو من طريق الطبيعة فكالصلع فان الصلع يحدث لقصور مادة الشعر عن الصلعة وذلك لقلتها أو لتطامن الدماغ عما يماسه من القحف فلا تسقيه سقيه إياه وهو ملاق وأما الذي يكون لسبب في الشئ الذي فيه ينبت فهو على ثلاثة أوجه اما ان لا تنفذ فيه مادة الشعر واما ان تنقذ فيه فلا تحتبس واما ان تفسد فيه وتستحيل إلى كيفية غير ملايمة لتكون الشعر عنها وانما لا تنفذ فيه لانسداد مسامه وانما تنسد مسامه لشدة تلززه ليبسه كما هو من المعاون على الصلع ويسرع في حار المزاج لسرعة جفافه ولذلك يكثر على المستعدين للصلع شعر البدن والصدر لحرارة المزاج وهؤلاء فان القليل من شعرهم صعب الانتتاف أو لتلززه بسبب آثار قروح سالفة كما هو في الحال في القرع والذي لا يحتبس فيه فهو لشدة تخلخله واتساع مسامه كما هو من إحدى المعاون في أن لا تنبت اللحية ويكون الباقي من شعر هؤلاء رقيقا سهل الانتاف وفي آخر العمر لما يبس المزاج فضاقت المسام مع رطوبة مزاج لقلة الحرارة أثر في أن لا يكون صلع كما للنساء والخصيان والذي يفسد فيه فاما لخلط مسكن خبيث كما في داء الحية والثعلب واما القروح رديئة أكالة كما يكون في بعض أصناف القرع والصلع تعسر معالجته وان كان قد يمكن دفعه قبل ان يبتدئ أو تأخيره والذي يقول بقراط من أن الصلع إذا
(٢٦٣)