يسير واستقصاء ذلك في علم آخر وإذا كانت الأدوية بعضها أسخن لكنه أغلظ أمكن أن يكون قبوله للجمود كقبول الذي هو أبرد منه لغلظه وإذا كان بعضها أبرد لكنه ارق أمكن ان يكون قبوله للاشتعال مثل قبول الذي هو أسخن منه لرقته والخثورة والانعقاد لا تدل على زيادة في الحرارة ولا زيادة في البرودة فإنها قد تخثر الأشياء الأرضية التي فيها وأشياء لكثرة المائية والهوائية فيها إذا تخلخلا وكثيرا ما يعرض للهوائية أن تبرد فتستحيل مائية ويتخلخل المركب ويكون باردا وكثيرا ما تتخلخل المائية الباردة لنارية تغلي فيها وتحيلها هوائية وتخثرها كما يعرض للمني من الخثورة فإذا انفصل عنه البخار الناري رق ولا تمنع الأرضية أن يكون معها نارية مفرطة فيجوز أن يكون القسم الأول شديد الحرارة ولا يمنع المائية أن يداخلها هوائية لا تقهر قوتها فيكون القسم الثاني شديد البرودة أو نارية تقهره فيكون شديد الحرارة هذا وأما القوانين الأخرى فيجب أن يعلم الأطباء منها شيئا واحدا انه لا يمكن ان يكون الطعوم الحلوة والمرة والحريفة الا بجوهر حار ولا القابضة والحامضة والعفصة الا بجوهر بارد وكذلك الروائح الذكية الحادة لا تكون الا بجوهر حار والألوان البيض في الأجسام المنعقدة التي فيها رطوبة لا تكون الا بجوهر بارد وفي الأجسام التي فيها يبوسة وانفراك لا تكون الا بجوهر حار والأسود في الامرين بالضد فان البرد يبيض الرطب ويسود اليابس والحر يسود الرطب ويبيض اليابس وان هذا حق واجب ولكن ههنا سبب آخر لأجل ذلك قد تختلف هذه الاستدلالات وخصوصا في الرائحة واللون وذلك انا قد بينا ان الأجسام الدوائية قد تمتزج من عناصر متضادة تارة امتزاجا أوليا وتارة امتزاجا ليس أوليا بل الأحرى أن يسمى مزاجا ثانيا فيجوز في هذا الامتزاج الثاني أن يكون أحد العنصرين قد حصل له مزاج استحق به لونا أو رائحة أو طعما وحصل له ذلك الذي استحقه وكما أن العنصر الآخر قد حصل له مزاج مضاد مخالف لذلك المزاج يجوز أن يكون يستحق به لونا مضادا لذلك اللون أو رائحة أو طعما مضادين للأول ويجوز أن لا يستحق به ذلك فان هذا غير مضبوط وغير معلوم لها الحدود التي منها يستحق المزاج الألوان والروائح والطعوم بل إن قال الانسان في هذا شيئا فإنما يقوله على التخمين فان كان قد استحق لونا مقابلا له ثم كانا متساويي الكمية حصل في الممتزج الثاني لون مركب من اللونين وان كانا مختلفين حصل في الممتزج الثاني لون أميل إلى أحد اللونين فان لم يستحق الثاني لونا البتة وكذلك رائحة أو طعما وكانا متساويين كان الموجود فيهما هو اللون الأول والرائحة الأولى وان كانا قد انكسر المخالطة أجزاء عادمة اللون ولا جزء متضادة ولم يكن للون الثاني أثر فان هذا أيضا يكسر كسر الشفاف المخالط للملون وكان ذلك الجسم يرى مثلا أبيض ويجوز أن تكون قوته ليست قوة الأبيض بما هو أبيض بل هي قوة أخرى مقابلة للأولى فإنه إذا كان الجرم المخالط العديم اللون كما أنه مساو في الكمية مساو في القوة كانت القوة الحاصلة قوة بين القوتين معتدلة وان كان أقوى كثيرا من المتلون كان التأثير للقوة المضادة لقوة الجرم المصاحب للبياض وكان البياض مثلا يوجب أن يكون هو باردا وهو حار بمرة هذا إذا كان متساويي الكمية وأما إذا كان مثلا هذا الذي لا لون له أو له لون مضاد قليل الكمية بالقياس إلى الآخر كثيرا الكيفية والقوة لم يؤثر البتة
(٢٢٧)