باستحالة في جوهرها أو مقارنة لغيرها فان الماء وان كان بارد بالطبع فإذا سخن سخن ما دام سخينا والقربيون وان كان حارا بالطبع فإنه إذا برد برد ما دام باردا واللوز وان كان إلى الاعتدال لطيفا فإذا زنخ سخن بقوة ولحم السمك وان كان باردا فإذا ملح سخن بقوة والثاني أن يكون المجرب عليه علة مفردة فإنها ان كانت علة مركبة وفيها أمران يقتضيان علاجين متضادين فجرب عليهما الدواء فنفع لم يدر السبب في ذلك بالحقيقة مثاله إذا كان بالانسان حمى بلغمية فسقيناه الغاريقون فزالت حماه لم يجب ان يحكم ان الغاريقون بارد لأنه نفع من علة حارة وهي الحمى بل عسى انما نفع لتحليله المادة البلغمية أو استفراغه إياه فلما نفدت المادة زالت الحمى وهذا بالحقيقة نفع بالذات مخلوط بالعرض اما بالذات فبالقياس إلى المادة وأما بالعرض فبالقياس إلى الحمى والثالث أن يكون الدواء قد جرب على المضادة حتى أن كان ينفع منهما جميعا لم يحكم انه مضاد المزاج لمزاج أحدهما وربما كان نفعه من أحدهما بالذات ومن الآخر بالعرض كالسقمونيا لو جربناه على مرض بارد لم يبعد أن ينفع ويسخن وإذا جربناه على مرض حار كحمى الغب لم يبعد أن ينفع باستفراغ الصفراء فإذا كان كذلك لم تفدنا التجربة ثقة بحرارته أو برودته الا بعد أن يعلم أنه فعل أحد الامرين بالذات وفعل الآخر بالعرض والرابع أن تكون القوة في الدواء مقابلا بها ما يساويها من قوة العلة فان بعض الأدوية تقصر حرارتها عن برودة علة ما فلا يؤثر فيها البتة وربما كانت عند استعمالها في برودة أخف منها فعالة للتسخين فيجب ان يجرب أولا على الأضعف ويتدرج يسيرا يسيرا حتى تعلم قوة الدواء ولا يشكل والخامس أن يراعى الزمان الذي يظهر فيه أثره وفعله فان كان مع أول استعماله اقنع انه يفعل ذلك بالذات وان كان أول ما يظهر منه فعل مضاد لما يظهر أخيرا أو يكون في أول الامر لا يظهر منه فعل ثم في آخر الامر يظهر منه فعل فهو موضع اشتباه واشكال عسى أن يكون قد فعل ما فعل بالعرض كأنه فعل أولا فعلا خفيا تبعه بالعرض هذا الفعل الأخير الظاهر وهذا الاشكال والاشتباه في قوة الدواء * والحدس ان فعله انما كان بالعرض لقد يقوى إذا كان الفعل انما ظهر منه بعد مفارقته ملاقاة العضو فإنه لو كان يفعل بذاته لفعل وهو ملاق للعضو ولاستحال ان يقصر وهو ملاق ويفعل وهو مفارق وهذا هو حكم أكثري مقنع وربما اتفق ان يكون بعض الأجسام يفعل فعله الذي بالذات بعد فعله الذي بالعرض وذلك إذا كان اكتسب قوة غريبة تغلب الطبيعية مثل الماء الحار فإنه في الحال يسخن وأما من اليوم الثاني أو الوقت الثاني الذي يزول فيه تأثيره العرضي فإنه يحدث في البدن بردا لا محالة لاستحالة الاجزاء المستعقبة منه إلى الحالة الطبيعية من البرد الذي فيه والسادس أن يراعى استمرار فعله على الدوام أو على الأكثر فان لم يكن كذلك فصدور الفعل عنه بالعرض لان الأمور الطبيعية تصدر عن مباديها اما دائمة واما على الأكثر والسابع أن تكون التجربة على بدن الانسان فإنه ان جرب على غير بدن الانسان جاز أن يتخلف من وجهين أحدهما انه قد يجوز أن يكون الدواء بالقياس إلى بدن الانسان حارا وبالقياس إلى بدن الأسد والفرس باردا إذا كان الدواء أسخن من الانسان وأبرد من الأسد والفرس ويشبه فيما أظن أن يكون الراوند شديد البرد بالقياس إلى الفرس وهو بالقياس إلى الانسان حار
(٢٢٥)