يوحنا ورسالة يعقوب، ثم ندد برسالة يعقوب.
وإن (مكدي برجن سنتيورس) قال: إن رسالة يعقوب تنفرد عن مسائل الحواريين في موضع يقول: إن النجاة ليست موقوفة على الإيمان فقط، بل هي موقوفة على الأعمال أيضا، وفي موضع يقول: إن التوراة قانون الحرية، إنتهى كلامهم.
والمنشأ لأقوالهم هذه هو ما علق بأوهامهم، وأحكمته فيها أهواؤهم من التعليم المنسوب لبولس بكفاية الإيمان في النجاة، كما جاهرت وأكدت به رسالة العبرانيين، فنقموا على رسالة يعقوب اعتبارها الأعمال في النجاة أيضا، وحق لأهوائهم ذلك، فإن الأعمال الصالحة قيود باهظة للهوى المردى والنفس الأمارة، وهب أنها لازمة لحقيقة الإيمان ومظهر صدقه ومفتاح بابه ورابطة دوامه، وثمرات غرسه، ولكن الهوى المطاع لما اضطرته العادة إلى اسم الإيمان يقول: آمن بالثالوث فقط، وما عليك من هرج الأعمال الصالحة ومرجها.
ولما استشعروا من الكلمات المنسوبة لبولس أن معنى الحرية هو الإباق عن الشريعة والتمرد على أحكامها بزعم الفداء بذبيحة الفادي الكريم وتعليقه على الخشبة أنكر الأخير في الذكر على رسالة يعقوب قولها: إن التوراة قانون الحرية، ولم يتدبر صوابها في ذلك، لأن حقيقة الحرية هو التخلص من عبودية الهوى والشيطان، وإنما يكون ذلك بالتمسك بأدب الشريعة والتقدس باتباع نواميسها الإلهية.
(الخامس) قد ذكرنا في مبحث الختان من النسخ عن رسالة الكندي زعمه أن شريعة الختان لإبراهيم والمؤمنين إنما كان سببها علم الله بتغربهم إلى مصر وميلهم إلى الزنى فوسمهم بهذه العلامة المشوهة لتنفر منهم الزواني المصريات فيكون ذلك عصمة لهم من الزنى.
وليس المنشأ في هذا الشطط إلا أن هذا الرجل أشرب في قلبه وهواه رفع النصارى لشريعة الختان مصانعة لأهواء الأمم الذين لا يختتنون، ولم يبال بأن كلامه هذا يرجع إلى تغليط موسى. ويوشع. والأنبياء الإسرائيليين، والمسيح في إبقائهم لشريعته، بل وكذا رسل العهد الجديد، إلى زمان الاجتماع