لثقل بني إسرائيل أن يبلغ أقرب حدودها إليهم بأقل من سته أيام، ولا يمكن أن يتوسطوها بأقل من ثمانية أيام أو تسعة، ولا تقل إن المقصود من طريق الثلاثة أيام هو الطريق إلى برية سينا، وذلك لأن بعده عنهم يزيد على مائتي ميل بالخط المستقيم، وقد قطعه بنو إسرائيل بمسير ثلاثة عشر يوما في أكثر من شهرين.
وزادت التوراة أيضا في الطنبور نغمة إذ ذكرت أن الله جل شأنه أمر موسى بأن يأمر نساء بني إسرائيل أن يطلبن من جاراتهن المصريات أمتعة فضة وأمتعة ذهب وثيابا بعنوان الأمانة والاستعارة فيسلبونها من المصريين بعنوان الخيانة في الأمانة (خر 3، 21 و 22).
ويقول: مضمون التوراة أنه لما جاءت النوبة إلى تبليغ الرسالة لفرعون لم يفعل شيوخ إسرائيل ما أمر به الله، بل دخل موسى وهارون وقالا لفرعون:
هكذا يقول الله إله إسرائيل أطلق شعبي ليعيدوا لي في البرية (خر 5، 1) مع أنه لم يسبق هذا الكلام فيما ذكرته سابقا عن كلام الله لموسى، ثم قالا لفرعون إله العبرانيين التقانا فنذهب طريق ثلاثة أيام في البرية، ونذبح لله إلهنا لئلا يصيبنا بالوباء أو بالسيف (خر 5، 3)، مع أنه لم يتقدم في الوحي السابق وعيد بالوباء أو بالسيف.
فحاصل مضمون التوراة الرائجة التي اغتر بها المتكلف يظهر منه في إرسال الله لموسى وتبليغه للرسالة عدة أمور:
1 - أمر شيوخ إسرائيل أن يكذبوا بدعوى أن الله التقاهم.
2 - أمر موسى وشيوخ إسرائيل أن يكذبوا بدعوى الذهاب طريق ثلاثة أيام في البرية ليذبحوا لله، مع أن المقصود هو الذهاب إلى مدن فلسطين للسكنى والتملك.
3 - أمر نساء بني إسرائيل أن يخدعن المصريات ويخن أمانتهن.
4 - كذب موسى وهارون وحاشا قدسهما في مسألة العيد.
5 - كذبهما وحاشاهما في دعوى الذهاب طريق ثلاثة أيام في البرية ليذبحوا