لله وقد عرفت المقصود.
6 - كذبهما وحاشاهما في قولهما لئلا يصيبنا بالوباء أو السيف.
فكأن المتكلف يقول واستغفر الله هذا هو الذي يليق بجلال الله ولطفه وقدسه في إرسال موسى إلى فرعون، وهو الذي يليق من الرسول في التبليغ، فالتوراة التي تنقل هذه المضامين هي أحق بالإذعان من القرآن الذي يقول: إن الله القدوس اللطيف إله العدل والصلاح أرسل موسى ليدعو فرعون إلى طهارة الإيمان، والصلاح، والإقلاع عن رجاسة الشرك والظلم والفساد.
أترى هل يصح من موسى أن يبلغ فرعون عن الله أمره بأن يطلق بني إسرائيل بدون أن يعمله الإيمان بالله ويدعوه إليه لكي يسمع أمره، ويعرض عن ضلالة الأوثان.
فهل ترى أنه يمكن لرسول الملك أن يبلغ بعض الناس أوامره الملك، ويأمرهم بالطاعة بدون أن يعرفهم بالملك وسطوته وقدرته، ويدعوهم إلي الإذعان بذلك ليطيعوه.
دع هذا وقل: ما معنى قول التوراة (وكلم الله موسى وهارون قائلا إذا كلمكما فرعون قائلا هاتيا عجيبة)، فلماذا يطلب العجيبة إذا لم تكن الدعوة إلى الإيمان بالله ورسوله لكي تكون العجيبة برهانا لهذه الدعوة.
ومن الظرائف أن توراة المتكلف كأن لها عداوة مع الدعوة إلى الإيمان بالله وتوحيده وشريعته والإقلاع عن الشرك وعوائد الضلال، فلم تذكر أن موسى ومن بعده يوشع دعوا المصريين أو الكنعانيين أو غيرهم من أمم الأرض إلى التوحيد والهدى والصلاح، ولم تذكر أن الله أمر موسى بهذه الدعوة أصلا، بل ذكرت أن الله جل شأنه أمرهم بقتل الرجال والنساء والأطفال والبهائم، وإحراق البلاد وما فيها.
نعم ذكرت أن الله أمر موسى إذا حارب مدينة أن يدعوها إلى الصلح فإن أجابت كان شعبها للتسخير والجزية، هذا إذا كانت من غير الشعوب السبعة وأما إذا كانت منها فلا يبقى نسمة منهم حتى البهائم، وأما الدعوة إلى الإيمان