قلت: قدمنا لك في الجزء الأول صحيفة 117 أن قوله تعالى هم بها معلق على ما بعده أي ولولا أن رأى برهان ربه لهم بها.
وأما قوله المتكلف (لولا رأى برهان ربه جوابه محذوف تقديره لولا أن برهان ربه لخالطها) فهو قول باطل مردود بلفظ الآية الشريفة ومعناها أما باللفظ فلأنه لو كان المراد كما يدعيه لجئ بالواو، وقيل ولولا أن رأى برهان ربه، وأما بالمعنى فلأن العزم على الزنا بذات الزوج المحصن من أسوأ السوء وقد قال الله تعالى في الآية: (لنصرف عنه السوء والفحشاء).
وقال الله تعالى: (فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن) - أي أكثرن جروحها - فصارت بالجروح قطعا.
فقال المتكلف ص 72 ولكن دعواه - أي القرآن - أن البعض قتلن أنفسهن ولم يشعرن، وهو من الأقوال الوهمية والخرافات المستحيلة.
قلت: ولا أدري أن هذه الأمانة من المتكلف في النقل عن القرآن هل هي من طهارة ذاته وغسله بدم المسيح، وامتلاءه بالنعمة، أو من شربه دم المسيح، وإلا فمتى قال القرآن إن بعض النسوة قتلن أنفسهن.
وقال الله تعالى في طرد القصة 52 و 53: (ذلك ليعلم أني لم أخته بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرء نفسي إن نفسي لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي)، قيل: إن هاتين الآيتين حكاية عن امرأة العزيز وهما مرتبطتان بقوله تعالى 51 في الحكاية عنها: (وإنه لمن الصادقين) - أي ليعلم يوسف أنها وإن اتهمته في حضرته ولكنها لا تخونه بالغيب فتبهته وتبرأ نفسها، وقيل: إنهما حكاية لقول يوسف وهما مرتبطان بقوله تعالى 50: (بكيدهن عليم) ذلك أي طلبه سؤال النسوة لكي يتضح الحق، ويعلم العزيز أني لم أخنه بالغيب في امرأته.
ثم تواضع لله على سنة الأولياء العارفين بالله ومواقع نعمه عليهم، فقال:
(وما أبرء نفسي) - أي لا أزكيها -، وأقول، إني تجنبت الخيانة وتعففت عن السوء والفحشاء لذات نفسي وطبيعتي البشرية، بل إنما كان ذلك برحمة الله