وعصمته (إن النفس لأمارة بالسوء) باعثه بشهوتها على الفحشاء (إلا ما رحم ربي) وأيدها بالعناية والعصمة.
وقال المتكلف ص 77: وكتاب الله يعلمنا أنه - أي يوسف - منزه عما عزاه إليه القرآن من أنه (هم بها)، وكيف يساعده الله على الارتقاء، وقلبه فاسد.
قلت: وقد قدمنا لك أن القرآن الكريم لم ينسب إليه أنه هم بها جزما بل تعليقا، بل التوراة جزمت بأنه جاء إلى أبيه بنميمة إخوته القبيحة - أي نم عليهم بنميمة قبيحة - (تك 37، 2)، وقرفهم بأنهم جاؤوا إلى مصر جواسيس ليروا عورة الأرض، مع أنه عرفهم وعرف أنهم جاؤوا ليشتروا طعاما، انظر (تك 42، 6 - 18).
والقرآن لم يقل إن قلبه فاسد بل قال: (لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين).
وحكى عنه التحدث بنعمة الله بملكة التقوى، والتواضع لله في نفسه وأن عصمته وتقواه إنما هي برحمة الله ونعمته.
ويا ليت المتكلف وتوراته وإنجيله الرائجين وكتبه يعرفون بأن الله لا يساعد فاسد القلب على الارتقاء في معارج السعادة والتوفيق ومراتب الرفعة الروحانية، كيف وأن توراته تذكر أن الله كلم موسى في جبل سيناء بكلام طويل وعناية تامة، كل ذلك في تفصيل ثياب هارون والتأنق في صنعتها وترصيعها ليمجده ويقدسه ويرفعه إلى مراقي الإمامة الكبرى والكهانة في الشريعة فانظر الثامن والعشرين والتاسع والعشرين من سفر الخروج، مع أنها تذكر أن هارون في ذلك الوقت عمل عجل الذهب ليتخذه بنو إسرائيل إلها يعبدونه وبنى أمامه مذبحا لرسم العبادة ونادى لعبادته (خر 32، 1 - 7).
ولم يثن ذلك عزم الوحي وموسى عن تقديس هارون بأبهة الرفعة إلى الرياسة الدينية الكبرى.
وإن الإنجيل ليقول: إن بطرس صار ينتهر المسيح حتى قال له المسيح: