وبهذا تعرف غلط المتعرب (ذ) ص 4 - 6، وزاد المتعرب في الغلط حيث أنكر قصة ثمود وهلاكهم متشبثا بأن (بترا) هي منازل ثمود وقد كانت عامرة في القرآن الثاني بعد الميلاد.
فقبحا لغرور الجهل، أفلا يعلم كل عاقل أنا إن سلمنا أن منازل ثمود الذين ذكرهم القرآن هي بترا لقلنا: إن القرآن يبين أنهم هلكوا قبل دعوة موسى لفرعون (1) فأقل ما يكون بينهم وبين الميلاد ما يزيد على ألف وخمسمائة سنة، وكل ذي شعور يعلم أنه يمكن للبلاد أن تخرب ويهلك جل أهليها، ثم تعمر بعد ألف وخمسمائة سنة.
ولو سلمنا أن الذين كانوا في بترا بعد الميلاد يدعون ثمود لجوزنا أن يكونوا بقية ثمود الأولى من نسل الذين نجوا مع صالح (2)، أو أن الناس نحلوهم اسم ثمود كما جاء في التوراة (3) الايميون يحسبون رفائيين لكن الموابيين يدعونهم ايميين.
وأما إنكار المتكلف والمتعرب على وصف أخبار المسلمين الأحادية لناقة صالح فهو من الشطط، لأن الله قادر على أن يخلق ناقة هي أعظم من النوق المعتادة لكي تكون آية لاقتراح العرب الذين ألفوا حقيقة الإبل وأحوالها، ولذا خصوها بالاقتراح لكون أمرها في نظرهم أبعد عن السحر، فخلقها الله بقدرته، كما هو قادر على أن يخلق عنقود عنب يحمل بالدقرانة بين رجلين (عد 13، 23)، وعلى أن يعطي شمشون قوة يقتل بها ألف رجل بلحى حمار، ويقلع بيتا على سطحه ثلاثة آلاف رجل بجذب العمودين من تحته (قض 15، 15 و 16، 27 - 31) وعلى أن يفتح القبور عند حادثة الصليب ويقيم كثيرا من أجساد القديسين الراقدين فخرجوا من القبور ودخلوا المدينة المقدسة وظهروا لكثيرين (مت 27، 51 - 54)، وعلى أن يعطي بطرس قوة الشفاء للمرضى