من ترنيح الشباب لأعطافه، فشبت بجوانحهن نيران الوجد، إذ لم يقبل توبتهن على يده فيقبلن قدميه، ويبللنهما بمدامعهن، ويمسحنهما بشعور رؤسهن...
وأما اعترافها ببراءة يوسف بعد ذلك فقد تقتضيه التوبة والتبرئة البرئ وتخليصه من الظلم، بل قد تقتضيه رأفة العاشق بالمعشوق بعد أن خمدت نار الغضب فشبت نار الغرام وأقلق الشوق الوساد ونبضت أعلاق المحبة (إن الغرام لأهله فضاح).
فلا يتوجه استبعاد المتكلف لذلك ص 96، فإنا نرى كثيرا من الناس قد جعلوا عرضهم وشرفهم فداء لغرضهم الصحيح أو الفاسد، ومن ذلك اعتراف الخاطئات أمام القديسين، ومن هذا النحو اعتراض المتكلف على قوله تعالى في إخوة يوسف: (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلا مبين).
فجعل ص 69 هذا النقل عنهم افتراء عليهم.
مع أن التوراة تصرح بأنهم لما رأوا أباه يحبه أكثر من جميع إخوته أبغضوه، ولم يستطيعوا أن يكلموه بسلام (تك 37، 4)، أفتقول إنهم مع ذلك لا ينقدح في أنفسهم شئ على أبيهم ولا يتفوهون به، أم يقول المتكلف إنهم أورع من ذلك؟.
إذا فلماذا أقدم أكثرهم على قتل أخيهم وحبيب أبيهم، وباعوه بيع العبيد وأقرحوا قلب أبيه وكذبوا عليه (تك 37، 27، 36)، أم يقول إن روابين ويهوذا قد تورعا عن قتل أخيهم، فهما أورع من أن يتكلما على أبيهم لكي تشهد له التوراة على ورعهما (تك 35، 22، و 38، 13 - 19).
ومن هذا النحو اعتراضه على مضمون القرآن بأن يعقوب انفتحت عيناه إذ ألقوا على وجهه قميص يوسف.
حيث قال ص 81 فمسألة القميص المذكورة في القرآن هي خرافية.