امتزجت في الأثناء بالتصوف البارد والتواضع السخيف (فانظر إلى الإصحاح السادس والحادي عشر والثاني عشر من كورنتوش الثانية).
وقال المتكلف: وفيه أيضا (أي في كلام الملائكة) إنهم قالوا ما قالوه من نسبة الافساد والسفك رجما بالظن وإلا شاركوا المولى سبحانه وتعالى في علم الغيب.
قلنا: لا هذا ولا هذا بل قالوه بعلم موهوب لهم من الله جل شأنه.
وقال المتكلف (يه 2 ج ص 12) إن القرآن نسب إلى المولى تعجيز الملائكة بطريق الاحتيال.
قلت: لا يدل سوق القرآن على إرادة تعجيز الملائكة، بل إنما يدل على أن الله بين لهم الحكمة في خلقه لنوع البشر على لسان آدم ببيان من يخلق من ذريته من الأنبياء والأولياء.
وحاصل ذلك أن الله جل اسمه تفضل على ملائكته بإعلامهم بأنه جاعل في الأرض خليفة، فاستفسروا عن وجه الحكمة في ذلك وإن كانوا يعلمون إجمالا أن الله هو العليم الحكيم.
فأبان جل شأنه لهم وجه الحكمة على لسان آدم وخصه بذلك تكريما له تنويها بارتفاعه هو وكثير من بنيه عن النقائص العارضة للطبيعة البشرية من آثار الشهوة والغضب (وعلم آدم الأسماء كلها) أسماء ذريته من الأنبياء والأصفياء بما يكونون عليه من القدس والطهارة والطاعة لله والجهاد في سبيله وتحمل الأذى والمتاعب الشديدة في إرشاد عباده وإعلاء دعوة الحق وحسن صبرهم ورضاهم فيما يلقونه من الاضطهاد في الدعوة إلى الحق والصلاح كل، ذلك بالطوع والرغبة على رغم الشهوة والغضب المودعين في الطبيعة البشرية (ثم عرضهم) أي هؤلاء الصفوة وهم أشباح نورانية (على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء) وما هم عليه من صفات القدس والكمال الاختياري (إن) ادعيتم العلم و (كنتم صادقين) في دعواه (قالوا سبحانك) تقدست عن الشريك والشبيه، لك العلم وحدك لا شريك لك و (لا علم لنا إلا ما علمتنا أنك أنت العليم) بالغائبات (الحكيم)