في مدة حياته الطويلة أن دفن الطير أو الحيوان ومواراته في التراب يكون واقيا في الأرض وقد آتي الله الإنسان عقلا به يعقل.
قلت: لماذا لا يتصور أن قابيل كان يجهل دفن الموتى وقد كان لم ير ميتا ولا دفنا، ومن قال: إن الذبائح التي كانت تقدم لله كانت تدفن، ومن يقول إن قابيل رأى في مدة حياته إلى حين قتله لهابيل من يدفن الطير، وما الغاية في فن الطير أو الحيوان، ومن فعل ذلك وبمقتضى التوراة أن قابيل كان إذ ذاك رابعا لثلاثة من البشر آدم، وحوا، وهابيل، وأن هذه الواقعة حدثت قبل أن يولد شيث، وقبل أن يمضي من العمر لآدم مائة وثلاثون سنة فانظر (تك 4 و 5، 3) فهل يكون عمر قابيل حينئذ ثلاثمائة أو أربعمائة سنة بين ألوف من البشر المتمدنين، وقد دربته الدنيا بحوادثها وتربى في المكاتب ليكرس نفسه مبشرا لأهل نحلته ولو كان كذلك وكان معتضدا بجماعة من المرسلين الأمريكان لجوزنا في عقله عدم الوصول إلى ما لم يره ولم يحدث في الدنيا، فإنا نرى من الناس من شذت عقولهم وأبصارهم عما هو نصب أعينهم في كتبهم التي يدرسونها ويعتمدون عليها ويدعون إليها، ولا نزيدك غير ذلك.
وقال المتكلف في هذا المقام (ص 42) ثم إن مراعاة القرآن السجع مقدمة على الحقائق فقال قابيل لأنه على وزن هابيل.
قلت: ليس في القرآن الكريم ذكر للفظ قابيل أو هابيل، والمتكلف في أغراضه وشؤونه معذور في ذلك، ولا تبخل بالعذر أيضا على المرسلين الأميركان الذين طبع كتابه بمعرفتهم.
* * * وذكر الله جل جلاله في سورة هود 27 - 39 نحوا من شأن نوح وقومه في دعوته ونصحه لهم وتمردهم وطغيانهم على دعوة الحق.
فاعترض المتكلف على ذلك (يه 2 ج ص 65) بقوله: لم يرد في كتاب الوحي الإلهي خبر عن هذه المجادلة، ولم يرد في التوراة أن أراذل الناس اتبعوا نوحا.