الأماكن. ويشهد له عنوان قضاء ما فات، إذ لا فوت ولا تدارك، إلا باعتبار تقييد المطلوب بالطلب الأول بالوقت. ودليل القضاء، يكشف عن تعدد المطلوب ملاكا، لا أنه قرينة على مقام الاثبات. وإن الذي أنشأه أولا، يتعدد فيه الطلب.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن المدار على دليل القضاء، وأن خصوصية المكان، من شؤون الصلاة، حتى يقتضي تدارك ما فات كما فات إتيان الصلاة تماما في تلك الأمكنة. أو ليست من شؤون العمل، فلا يدخل في التشبيه بداهة أنه إذا فاتت الصلاة في المسجد أو في الدار، لا يجب قضائها في أحدهما. ومبنى هذا الأمر، على أن خصوصية المكان، حيثية تقييدية للمطلوب، أو حيثية تعليلية للطلب.
ولا ينبغي الريب في أنها ليست حيثية تقييدية للمطلوب، وإلا لوجب الدخول في هذه الأماكن، تحصيلا للصلاة المستحبة، بحيثية وقوعها في هذه الأماكن، بل حيثية تعليلية قطعا. بمعنى أنه متى فرض الكون في هذه الأماكن، يجب القصر أو الاتمام.
ومقتضى تعليلية الحيثية للطلب: أنه ليست من شؤون الفعل فيجب القضاء تخييرا، ولو في غير هذه الأماكن. إلا أن يقال: إن غاية كون الحيثية تعليلية وشرطا للوجوب عدم لزوم تحصيلها، وكون التقييد بها بعد حصولها جعليا لكونه قهريا، إلا أن دخل التقيد في فرض الحصول في صيرورة الاتمام ذا مصلحة معقول، بل ربما لا يشك الإنسان في أن شرافة المكان، أثرت في فضيلة الاتمام. فحصول مصلحة الاتمام، المساوية لمصلحة القصر، مشكوك بالاتمام في خارج هذه الأماكن. ولا يعقل تكلف دليل " اقض ما فات كما فات " (1) لما يشك في أنه كما فات.
ومنه يعرف أن الأحوط لو لم يكن أقوى الاقتصار في باب القضاء تماما على تلك الأماكن.
وأما دعوى الاقتصار على القصر، فمنشؤها، احتمال تقييد مصلحة الاتمام التي بها صارت عدلا للقصر، بمصلحة الوقت فلا يمكن تداركها في خارجه. وهذا