صار فعليا فإنه في الصورتين يعود المحذور، فإنه لا يجتمع الانعتاق بفعلية الجذام مع بقاء حق الخيار، فلا يجدي الحل الذي أفاده على فرض تسليم مقدماته إلا في بعض الصور.
لا يقال: لعل نظره (قدس سره) إلى أن سبق حق الخيار واقعا يمنع عن طروء حق الانعتاق للمجذوم إلا مع سقوط الحق بالفسخ أو الامضاء، ففي الصورتين لا يستحق المجذوم انعتاقا ما دام للمشتري حق.
لأنا نقول أولا: أن مجرد سبق أحد الحقين بسبق سببه في الوجود لا يمنع عن لحوق الآخر وإبطال الأول، بل الملاك أقوائية أحدهما من الآخر مقدما كان أو مؤخرا.
وثانيا: أن سبق حق الغير هو المانع لا سبق حق المالك، فإن ملكه مع أنه أقوى من الحق إذا لم يمنع حق المجذوم فحقه مع أنه أضعف من الملك لا يمنع حق المجذوم بالأولوية، والاعتبار أيضا يساعد على أن المجذوم له حق على مالكه لا على غيره، فلا يبطل حق الغير لا أنه لا يبطل حق مالكه، فتدبر.
ثالثها: ما نسب إلى كاشف الغطاء (1) من أن الرد أعم من الاختيار والقهر، فيراد أعم من حق الخيار والفسخ ومن الانفساخ، ومع الانفساخ الذي مقتضاه انحلال العقد قبل الانعتاق آنا ما يندفع المحذور المتقدم، إذ لا حق خيار مع الانعتاق ليقال بأنه محال.
وتقريبه ببيان أمرين:
الأول: ما ورد في رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال (عليه السلام): (عهدة البيع في الرقيق ثلاثة أيام إن كان به حبل أو برص أو غير ذلك، وعهدته سنة من الجنون، فما بعد السنة فليس بشئ) (2) دل الخبر على أن عهدة الجنون ودركه على البائع وأنه مضمون عليه، خصوصا بملاحظة عهدة الحبل والبرص ثلاثة أيام، فإن خيار الحيوان لا يدور مدار حدوث حدث، بل هذه العهدة بمعنى المضمونية.
والثاني: قد ورد في باب خيار الحيوان أن الحدث سواء كان بمعنى التلف أو النقص مضمون على البائع، ومعنى ضمانه في التلف انفساخ العقد، وفي غيره سببية