المال في المخمصة مع عدم إذن المالك، فإن سقوط حرمة سلطنته المستدعية لاعتبار إذنه لا يوجب سقوط حرمة ماله المقتضية للبدل، فتدبره فإنه حقيق به.
ثالثها: إن الضرر المترتب على المعاملة - كما مر - إما ضرر مالي كضرر ما به يتفاوت العين الفارغة والمشغولة، والمستأجرة وغيرها، والصحيحة والمعيبة، وإما ضرر حالي وهو نقض الغرض المعاملي وإن لم يكن تفاوت في القيمة، وهذا الضرر بقسميه هو الذي ينجبر بالخيار، وهو الموجب للخيار، وأما استيفاء منفعة العين المنتقلة إلى المشتري بمنافعها بلا أجرة وعوض فهو ضرر أجنبي عن المعاملة وعن الخيار فكيف ينجبر بالخيار؟!
وإذا عرفت هذه الأمور تعرف أن ثبوت الخيار لا ينافي استحقاق الأجرة مع عدم أعماله، فافهم جيدا، وإن كان ظاهر جملة من الكلمات عدم الأجرة مع الخيار إلا أن الحق أحق أن يتبع، والله العالم.
وأما الجهة الثالثة فملخص القول فيها: أن لكل من البائع والمشتري السلطنة على ماله دون مال غيره، ولكل منهما السلطنة على نفسه دون غيره، أما البائع فله السلطنة على قلع زرعه فإنه ماله، وليس له السلطنة على ابقاء زرعه فإنه من السلطنة على مال الغير، وأما المشتري فله السلطنة على أرضه فله السلطنة على المنع من التصرف فيها، وليس له السلطنة على قلع الزرع، لأنه سلطنة على مال الغير، وليس له السلطنة على الزامه بقلعه، لأنه سلطنة على الغير والناس مسلطون على أموالهم وأنفسهم.
نعم حيث إن سلطنة المشتري على المنع من الابقاء كانت ضررية على البائع فلذا كانت منفية، ولا يقاس القلع بالأرش بالابقاء بالأجرة بتوهم أنه كما أن الابقاء بالأجرة ليس ضررا على المشتري كذلك القلع بالأرش ليس ضررا على البائع، وهو منشأ احتمال تخيير المشتري بين الابقاء بالأجرة والقلع بالأرش.
وجه بطلان القياس أن سلطنة المشتري على الابقاء بالأجرة سلطنة على نفسه من حيث ايجار أرضه ببدل منفعتها، وسلطنته على القلع سلطنة على مال الغير، فعدم هذه السلطنة بعدم المقتضي لا بوجود المانع وهو الضرر حتى يقال لا فرق بين