وعليه فمن الممكن هنا الرضا من المشتري باستيفاء الدائن حقه من المعزول متى شاء فلا يذهب حقه هدرا بمجرد التصرف الناقل.
وأما اتلاف المعزول فهو في نفسه ابطال للحق، وعود المال إلى ذمته يحتاج إلى دليل وموجب، واتلاف المال يوجب اشتغال ذمة المتلف ببدله، إلا أن اتلاف الحق لا دليل على ايجابه لاشتغال ذمته بالحق، بل لا معنى لأن يستحق عليه الحق.
وأما التبديل فيتوقف على ولايته عليه بعد تعين الحق في المعزول.
وأما توهم: رضا الدائن بالاتلاف لرضاه ببقاء الحق في ذمته.
فمدفوع أولا: بأن رضاه ببقاء المال في ذمته أمر، ورضاه باتلاف المعزول أمر آخر.
وثانيا: أن رضاه بالاتلاف كالرضا باتلاف المال يمنع عن الضمان بالبدل فكيف يوجبه؟!
وثالثا: أن رضاه بتبديل الحق بما في ذمته لا يوجب التبديل إلا بسبب للمبادلة، ولا يجدي مجرد الرضا في حصول المبادلة، فإن الرضا بالتبديل مساوق لقبول الوفاء بالمعزول، فيكون ملكا له، ولا يمكن تبديل الملك الخارجي إلى مثله في الذمة إلا بسبب معاملي.
والتحقيق: في المراتب الثلاث من التصرف والاتلاف والتبديل أن تعلق الحق هنا بالمعزول ليس بتعيين من الشارع كتعين الجاني للاستراق، فإنه ليس للمولى تبديله بعبد آخر، وليس بتعيين من المتبايعين المتعاملين كجعل حق الخيار في عقد مخصوص فليس لواحد منهما تبديله بحق حل عقد آخر بدلا عن هذا العقد، بل الحق هنا لرعاية المديون من حيث إن بقاء المال في ذمته ضرر عليه، فله ابقاؤه في ذمته وتحمل الضرر، وله تفريغ ذمته بعزل ما يتمكن الدائن من استيفاء ماله منه، فيكون فراغ ذمته عن مال الدائن مراعى ببقاء المعزول على حاله، فله التصرف والاتلاف وتحمل الضرر ببقاء المال في ذمته، كما أنه له تبديل المعزول بفرد آخر حيث يكون التمكن من استيفاء الدائن لماله محفوظا معه.
ومنها: في لزوم التحفظ على المعزول ومجمل القول فيه: أما إن قلنا بتعين المعزول