أبعد الأجلين لا يستحق إلا أقل الثمنين، ولا يبعد أن يقال إن البيع بثمنين على هذا النحو عرفا بمعنى أنه يبيع بدرهم لكنه إن أخره إلى شهر فعليه درهمان.
وأما تنزيل الروايتين على التعبد بأقل الثمنين في أبعد الأجلين في فرض البيع بالمردد أو بما يختار فهو مخالف لقواعد كثيرة، أعظمها أنه تعبد بملكية الأقل مؤجلا بلا سبب معاملي، لا تعبد بصحة البيع بما هو بيع، إذ هو متقوم بالقصد المنتفي هنا وجدانا فهو ابطال للبيع على أي تقدير، وتعبد بغير البيع لا بالبيع بالغاء شرط أو شروط حتى يعقل التعبد به.
ثم إن ما ذكرنا من الصورة الثالثة التي نزلنا عليها الروايتين لا يقتضي إلا صحة البيع بالأقل مع جواز التأخير كالبيع الحال، وأما لزوم التأخير من طرف البائع فلا يقتضيه البيع المشروط بالوجه المذكور، وربما يستفاد من الروايتين استحقاق المشتري للتأخير إلى أبعد الأجلين، وقد حكي عن الدروس (1) لزوم الأجل من طرف البائع.
وأما ما أفاده المصنف (قدس سره) في تصحيح ذلك بأن الزيادة ليست في قبال التأخير حتى إذا لم يستحق البائع للزيادة لا يستحق المشتري للتأخير، بل في قبال اسقاط حق مطالبة البائع إلى شهر.
فهو مندفع: بأن حق المطالبة ليس إلا السلطنة على المطالبة، لا أنه حق حتى يقبل الاسقاط، مع أن مقابل الزيادة إن كان سقوط الحق بنحو شرط النتيجة فمع عدم نفوذ الشرط لا نتيجة، وإن كان اسقاط الحق بنحو شرط الفعل فإذا لم يستحق البائع الزيادة على المشتري لا يستحق المشتري اسقاط حق المطالبة على البائع.
وأما اصلاحه بأن حق المطالبة غير قابل للمقابلة لأن المشتري لا يعقل أن يقوم به حق المطالبة كما يقوم به ملك الزائد بالبائع، إذ لا معنى لاستحقاق الشخص المطالبة عن نفسه، بخلاف حق التأخير فإن المشتري له التأخير بسبب المقابلة بالزيادة.
فهو واضح الفساد، إذ ليس الكلام في مقابلة الزيادة لحق المطالبة، بل في قبال