توضيح المقام: أن المسؤول عنه في الروايتين (1) صحة البيع الثاني وفساده دون البيع الأول، وحكمه (عليه السلام) بفساد البيع الثاني إما لأجل فساد الشرط، وإما لأجل فساد البيع الأول، فإن كان الثاني كان دليلا على المطلوب، وإن كان الأول فلا دلالة [له] (2) على المطلوب، نعم فساد الشرط لا بد من أن يوجب اختلالا في ما يعتبر في صحة البيع الثاني، حتى يعقل استناد فساده إلى فساد الشرط.
والوجه الذي احتمله المصنف (قدس سره) في اقتضاء فساد الشرط فساد البيع الثاني مع عدم تقيده به هو أن الشرط لو كان في ضمن العقد الأول كان البيع الثاني وفاء به واجبا، وأما لو كان في خارجه لكان فاسدا غير واجب الوفاء، لكن العرف - حيث لا يرون فرقا في لزوم الجري على وفق الالتزام بين كونه في ضمن العقد أو خارجه - فلو صدر البيع الثاني بتوهم اللزوم كان صادرا عن غير طيب النفس طبعا، فالبيع الثاني فاسد لفقد الطيب المسبب عن توهم لزوم الشرط الفاسد.
وهذا الوجه مع ما فيه من التكلف غير صحيح، لما ذكرنا في محله (3) من كفاية الطيب العقلي على حد الطيب الطبعي، فكما يصح البيع الثاني المنبعث عن لزوم الوفاء حقيقة بالشرط الصحيح كذلك يصح فيما إذا انبعث عن لزومه توهما، لاشتراكهما في عدم الطيب الطبعي ووجود الطيب العقلي، وإلا لم يكن هناك فعل اختياري بدونهما.
نعم قد استثنى الاكراه بدليل خاص، لا لانحصار الطيب المشروط به صحة العقد بالطبعي، ولذا يصح بيع المضطر مع عدم الطيب الطبعي، فالأولى الالتزام بأن البيع الثاني يستند إلى فساد البيع الأول بفساد شرطه، وهو شرط بيعه منه ثانيا، فإنه إما موجب للدور كما عن العلامة (4) أو موجب لعدم قصد البيع حقيقة كما عن الشهيد (5)، ومثله خارج عن مورد البحث، لأن الكلام في تأثير فساد الشرط في فساد العقد، لا تأثير نفس وجود الشرط في اختلال العقد بنفسه، حيث يستحيل البيع المستلزم منه