من عدم المقابلة كذلك، هذا الجواب ليس جوابا كليا عن كل شرط حتى شرط الحكم مطلقا.
ثانيها: أنه مع تسليم المقابلة لا نسلم الجهالة لانضباط النسبة عند العرف كما في باب الأرش والقيمة كما في المتن، إلا أن هذا الوجه غير وجيه، لأنه مع فرض المقابلة لا بد من العلم في مرحلة العقد، وتعين الثمن واقعا لا يجدي في التعيين المعتبر شرعا، ولا يقاس بالأرش والقيمة لعدم المقابلة في المعاملة فيهما، بل الحكم في الأرش حكم تعبدي من باب التغريم لا من باب استرجاع بعض الثمن، والحكم في القيمة أيضا ليس باقتضاء المقابلة، بل من حيث استحقاق عمل بالشرط فيملكه عليه في ذمته، ومع تعذره له المطالبة بماليته، فليس في شئ منهما مقابلة حتى يضره الجهالة في مرحلة المعاملة، فتدبر.
ثالثها: أن رفع مثل هذه الجهالة ولو إلى الأخر غير معتبر في صحة المعاملة، لما مر منا أن اللازم معرفة ما هو مبيع وما هو ثمن في مرحلة البيع بحسب بناء المتعاملين، لا معرفة ما يصير مصداقا للمبيع أو للعوض بالأخرة، فلو كان ما نحن فيه من باب الجزئية المستدعية للمقابلة كما في باب بيع ما يملك وما لا يملك لما وجب إلا معرفة المبيع وثمنه بحسب فرض المتبايعين في مرحلة المعاملة، فراجع (1).
وهذا البيان أولى مما أفاده (قدس سره) (من أن الجهالة الطارئة غير قادحة، إنما القادح هو الجهل به عند انشاء العقد) انتهى، فإنه يوهم أنه لا جهل عند العقد وأن عروض الجهل بعد العقد لا يمنع عن تأثير العقد مع أنه لا شبهة في الجهل من الأول بما يقع بإزاء المبيع المجرد عما اشترطه، لا أنه جهل عارض، بل الصحيح أن الجهل بالعوضين بحسب فرض المتبايعين مضر لا الجهل بما ينتهي أمر المعاملة إليه، فافهم واستقم.
- قوله (قدس سره): (الثاني أن التراضي إنما وقع على العقد... الخ) (2).
بل ربما يقال: بأن المعاملة مقيدة بحسب الانشاء، والمقيد ينتفي بانتفاء قيده، فلا