- فمرجعه إلى ايجاده منه تعالى، وحيث إنه لا سبيل للممكن للسعي في ايجاده تعالى فلا يكون من الفعل التسبيبي المقدور بالواسطة، قال جامع المقاصد: (وإنما بطل هذا الشرط أيضا لأن جعل الله الزرع سنبلا والبسر تمرا ليس للبائع فيه مجال السعي، بخلاف اشهاد الشاهدين فإن ذلك وإن لم يكن من مقدوراته، لأن تحمل الشاهدين الذي هو المطلوب بالشرط فعلهما لا فعل البائع إلا أنه يمكنه سعيه في وقوعه والتماسه لتحققه) (1) انتهى.
ويظهر منه (قدس سره) أن فعل الله سبحانه غير قابل للتسبيب إليه، بخلاف فعل غيره تعالى فإنه قابل للتسبيب إليه، فشرط ايجاده منه تعالى شرط فعل غير مقدور، وشرط ايجاده من غيره شرط فعل مقدور.
لكن لا يخفى عليك أن الواجب جل شأنه تام الفاعلية، وفاعليته ليست بالقوة ولا بالامكان حتى يخرج بسبب من حد القوة إلى الفعلية، ومن حد الامكان إلى الضرورة كما حقق في محله، والنقص بالقوة والامكان إنما هو في طرف القابل، فلو فرض تمامية قابلية القابل والمفروض أنه لا نقص في الفاعل فلا محالة يتحقق فيض الوجود من مبدئه، وإلا لزم انفكاك المعلول عن علته التامة، فالتسبب إلى ايجاده تعالى ليس ممتنعا إلا مع فرض نقص في الأسباب.
وقد عرفت أن الأفعال الغير المباشرية تختلف من حيث طرو الموانع كثرة وقلة عادة واتفاقا، فأصل التسبب إلى ايجاده بتهيئة مقدماته الاعدادية التي لا تنفك عن ذيها كما هي سنة الله تعالى في عباده معقول مقدور، إلا أن الموانع السماوية والأرضية العادية في بعض الأفعال التي لا قدرة للعبد على دفعها هي الموجبة لعدم اتصاف الايجاد منه تعالى بالمقدورية.
وأما أن الفعل التسبيبي مع توسط إرادة الفاعل المختار غير معقول كما قيل فالبحث عنه له محل آخر، وقد ذكرنا في بعض تحريراتنا امكانه بل وقوعه كثيرا.
ومما ذكرنا تبين: أن التسبب إلى فعل الواجب تعالى أولى من التسبب إلى فعل