يريد هذا الحديث من الناس أن يساوموا الحكام المفسدين من خلال مغالطتين، الأولى: أن صلاحهم أكثر من فسادهم. والثانية: أنهم سيلاقون جزاء آثامهم، ولا علاقة لذنوبهم بالناس. ومآل هذا أن ينفصل الدين عن السياسة، وما على المسلمين إلا الصبر والسكوت أمام ظلم الحكام المفسدين!
ويبدو أن هذه الأحاديث الموضوعة كلها وأمثالها (1) تمهيد لوضع الحديثين الآتين اللذين نسبوهما إلى صحابيين كبيرين معروفين:
1 - قال عبد الله بن مسعود: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
" من فارق الجماعة فاقتلوه " (2).
2 - قال أبو ذر: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول:
" من قاتل على الخلافة فاقتلوه، كائنا من كان " (3).
وهكذا يستبين أن كل من لا يصغي إلى هذه الأحاديث المموهة بالنصح وينهض لمعارضة الحكام الجائرين المفسدين فما جزاؤه إلا الإبادة والإعدام!
وكانت هذه الأحاديث - التي نقلت مشافهة كأحاديث نبوية - أفضل وسيلة دعائية لبقاء الحكومات الجائرة واستمرارها، ولم يتسم جمهور الأمة يومئذ بوعي ديني وسياسي كاف، كما لم يصدقوا أن صحابيا يفتري على النبي (صلى الله عليه وآله)، أو أن الشخص الذي نسب هذه الأحاديث إلى الصحابي يكذب عليه. وفعلت تلك الدعايات المسمومة فعلتها فلم يجرؤ أحد على معارضة الحكام الفاسدين، كما لا يجرؤ اليوم