هذا بيان لمؤامرة خطرة فصلت العترة عن القرآن، والسياسة عن الدين، والإمامة التي هي أس الإسلام النامي عن الإسلام، وبقطع هذا الجذر يبست شجرة التوحيد الطيبة، وتوقفت عن النمو، وأصبحت أغصانها الذاوية حطبا للحكام الأمويين والعباسيين الجائرين الفاسدين، ولكل الظالمين الذين حكموا المسلمين ويحكمونهم، ليحرقوا بيت الإيمان وينهبوا أمانة الإمامة! وظل القرآن مهجورا، وأصبح أداة لتسويغ جور الظالمين وفسادهم. من هنا أعلن الإمام الراحل (رحمه الله) صرخته فقال:
بلغ الأمر أن القرآن الكريم أصبح وسيلة بيد الحكومات الجائرة وعلماء الدين الخبثاء الذين كانوا أسوأ من الطواغيت، من أجل إقامة الجور ونشر الفساد وتوجيه عمل الظالمين والمعاندين. ومن المؤسف أن الأعداء المتآمرين والأصدقاء الجاهلين أرادوا له أن يتلى في المقابر ومجالس الموتى فحسب. وهو الذي قدر له أن يكون وسيلة للم شمل المسلمين والبشرية، ومنهاجا لحياتهم، بيد أنه صار وسيلة للتفرقة والخلاف، أو أنه أقصي عن ميدان الحياة تماما، بحيث رأينا أنه إذا تحدث أحد عن الحكومة الإسلامية وتكلم في السياسة التي تمثل الدور الكبير للإسلام والرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) ويزخر بها القرآن والسنة فكأنه قد ارتكب أكبر معصية. وكانت وما زالت كلمة " عالم الدين السياسي " مساوية لكلمة " عالم الدين الذي لا دين له " (1).