مخيف قرونا من الزمان، وانعدمت حرية الفكر والتعبير عن الرأي، وتقلص نطاق التبصير ونشاط المتبصرين كثيرا، وكل تحرك يصب في تحكيم الإسلام يقمع بشدة.
ففي مثل هذه الظروف تؤدي النيابة الخاصة إلى تقييد قادة تلك الفترة، ومضاعفة الضغوط والمشكلات عليهم، مما يفضي إلى محقهم هم وأتباعهم لا محالة. من هنا دام هذا النوع من النيابة لمدة قصيرة نسبيا اقتضتها الضرورة.
ب - حكمة اجتماعية إضافة إلى الحكمة السياسية يمكن القول إن مصالح البناء الاجتماعي في عصر الغيبة التامة تنسجم مع النيابة العامة أكثر من غيرها. وفي المسيرة التكاملية للتاريخ فإن الناس لم يوفقوا - بعد إعراضهم عن حكم الأنبياء وأوصيائهم - في تجربتين خاسرتين في نظامي الحكم الاستبدادي والديمقراطي. وعلى نحو طبيعي فإن الناس بالتدريج بدأوا يقبلون على الإيمان بالحكومة الإلهية والقيادة الربانية.
وقد طوى المجتمع البشري في الحقيقة ثلاث مراحل في الحكم حتى عصر حكم الإمام صاحب الزمان عجل الله فرجه هي: مرحلة الأنبياء وأوصيائهم، ومرحلة الاستبداد، ومرحلة الديمقراطية. وتنتهي نيابة الإمام (عليه السلام) بمرحلة التجربة الديمقراطية.
ولما كان الناس لا يؤدون دورا في تعيين القائد أيام النيابة الخاصة فإن تأثير هذه النيابة سيكون أقل لتضاربها مع حاجات العصر. أما في النيابة العامة فللناس دورهم في تعيين القائد بصورة مباشرة أو غير مباشرة. من هنا يمكن أن تكون - في المرحلة التاريخية للتجربة الديمقراطية - أكثر فعالية في هداية الناس، وتمهيد الأرض لحكومة الإسلام العالمية.
تجربة العصر الديمقراطي ستثبت هذه التجربة للبشرية أنها غير قادرة على تحقيق الأهداف الإنسانية في