الدرس الآخر هو فن " العيش منفردا " وعلى حد تعبير كاتب روسي: " فن الحياة مع الذات " ويعلم الرعي الاستقلال، والاستغناء، وعدم الركون إلى الانس، والتسلية، وضروب اللهو، والمجاملة، والتعويل على الآخرين، والتغنج (1)، والمدح، والاختلاط بالآخرين ومساعدتهم... إنه يعلم درس الوحدة، والحياة مع الذات، والاستغناء المطلق (2).
أجل، التعليم والتجربة عاملان جوهريان لتنضيج فطرة الإمامة والقيادة، وحاجة القائد إليهما ثابتة لأمراء فيها، سواء كان باتجاه إمامة النور أم باتجاه إمامة النار. ويستطيع كل إنسان أن يدرك هذه الحاجة بنظرة يسيرة يلقيها على العاملين المذكورين.
والنقطة البالغة الأهمية في فهم العوامل المساعدة على تنضيج الفطرة الإدارية هي معرفة عامل ثالث أشار إليه القرآن الكريم، بيد أنه مجهول في علم الإدارة المعاصر.
وهذا العامل هو شرح الصدر (أو سعة الصدر).
دور شرح الصدر في الإدارة لم يؤد شرح الصدر - إلى جانب التعليم والتجربة - دورا بارزا في تنضيج الحس الإداري فحسب، بل يحدد اتجاه القيادة ومسارها أيضا.
أي: يأخذ بيد القائد نحو إمامة النور وتكامل الإنسانية وحركيتها، أو يسوقه صوب إمامة النار وانحطاط البشرية. وقد تناولنا هذا البحث مفصلا في كتاب لنا بعنوان: " الأخلاق الإدارية في الإسلام "، ونكتفي هنا بالإشارة إليه.