عمله، ولا تنزعوا يدا من طاعة!! " (1).
إن هذا الحديث الذي وضع في عصر حكومة الأئمة الظالمين بدهاء خاص - نظرا إلى الحقائق السائدة في البلاد الإسلامية يومئذ - يرفض بشدة منطق الكفاح المسلح ضد الحكام المفسدين، ثم يؤكد أن الصلاة وحدها تكفي لحكام المجتمع الإسلامي.
وبعد ذلك يضع قانونا عاما للناس يعلمهم كيف يتعاملون مع الحكام الظالمين. وفي ضوء القانون المذكور لا يحق للمسلمين أن يناهضوا الحكام المفسدين مهما كانت ظروفهم، بل عليهم أن يعرضوا عن أعمالهم المشينة فحسب! وهكذا يحرم الناس من حق التدخل في الشؤون السياسية، وينفصل الدين عن السياسة.
ونقرأ في حديث آخر روته عائشة عن النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله):
" لا تكفروا أحدا من أهل قبلتكم بذنب وإن عملوا بالكبائر، وصلوا مع كل إمام وجاهدوا مع كل أمير " (2).
ومفهوم هذا الحديث هو أنه ما من ذنب يتنافى مع الإسلام، وأن الإنسان يمكن أن يكون مسلما ويرتكب ضروب الفساد والدنس. وعلى المسلمين أن يصلوا خلف كل إمام ولو كان من أكبر مجرمي التاريخ، وعليهم أن يجاهدوا عدو كل حاكم حتى لو كان هذا الحاكم مخالفا للإسلام!!
نقل عبد الله بن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال:
" سيليكم امراء يفسدون، وما يصلح الله بهم أكثر، فمن عمل منهم بطاعة الله فلهم الأجر وعليكم الشكر، ومن عمل منهم بمعصية الله فعليهم الوزر وعليكم الصبر " (3).