وقاية القيادة من الأراجيف المثارة ضدها لم يصطدم النبي (صلى الله عليه وآله) بأشد أصحابه نفاقا في حالات كثيرة، وذلك من أجل الوقوف بوجه الأراجيف التي تبث ضد القيادة، وتستبع تشكيك الناس بها في آخر المطاف، ومع أن قتلهم كان يبدو ضروريا للحؤول دون تخريبهم وإثارتهم للفتن، إلا أنه كان يتغاضى عن ذلك لمصالح أهم.
وكان عبد الله بن أبي أحد المنافقين الذين حدثنا القرآن الكريم بتآمرهم ونفاقهم في سورة " المنافقون ". وعندما عرض على النبي (صلى الله عليه وآله) قتله قال:
" لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه " (1).
إن الإشاعة التي تضعف القاعدة الشعبية للحكومة الإسلامية أخطر على المجتمع الإسلامي من وجود منافق في صفوفه بمرات كثيرة.
من هنا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يحظر عقوبة بعض المجرمين من الصحابة.
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومداراة الناس كانت سيرة الإمام علي (عليه السلام) في مداراة الناس وإرضائهم ودعمهم كسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) تماما، فقد كان يتفادى كل عمل يسخط الناس. لذلك تعذر عليه الوقوف بوجه كثير من الانحرافات في بداية خلافته.
وظهرت انحرافات كثيرة في المجتمع الإسلامي، وتطبع الناس عليها خلال المدة التي كان الإمام قد اقصي فيها عن الساحة السياسية، وأخطر من ذلك أن هذه الانحرافات قد رسخت في المجتمع وأقرت باسم الإسلام الأصيل حين عاد الإمام (عليه السلام) إلى الساحة السياسية، فمن الطبيعي أن الموقف المتعجل منها يفضي إلى سخط الناس، ويولد مشاكل مختلفة.