سبحانه يقول: * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) * (1) وفيه تبيان لكل شئ، وذكر أن الكتاب يصدق بعضه بعضا، وأنه لا اختلاف فيه (2).
في ضوء ذلك، إذا كان محالا على الله أن يصدر تعاليم متناقضة، وهو كذلك حقا، وإذا كان دين الله كاملا، وهو كذلك لا محالة، وإذا كان الله تعالى لم يستعن بأحد لإكمال دينه، وهو كذلك قطعا، وإذا كان الله لا كفو له فيحق له التشريع، وهو كذلك حتما، وإذا كان النبي لم يقصر في إبلاغ دين الله الكامل، وهو كذلك حقا، وإذا كان الله تعالى قد بين كل شئ في القرآن الكريم، وهو كذلك قطعا، إذا كان ذلك كله فمن أين نشأ الاختلاف؟
محصلة ما ذكرناه هو أنه لابد أن يخلف النبي (صلى الله عليه وآله) من له القدرة على استنباط الأحكام الإلهية جميعها من القرآن الكريم، ويكون مصونا من الخطأ والطيش في تشخيصه، ويمثل الملاذ الفكري والمرجع العلمي للأمة الإسلامية.
مناظرة عمر بن أذينة مع قاضي الكوفة على أساس هذا البرهان المتين كانت هناك مناظرة رائعة حول مرجعية المعصوم العلمية في الأحكام الإلهية، جرت بين عمر بن أذينة أحد أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام) وعبد الرحمن بن أبي ليلى قاضي الكوفة.
يقول عمر: دخلت يوما على عبد الرحمن بن أبي ليلى بالكوفة وهو قاض، فقلت: أردت - أصلحك الله - أن أسألك عن مسائل وكنت حديث السن.
فقال: سل، يا ابن أخي عما شئت!
قلت: أخبرني عنكم معاشر القضاة، ترد عليكم القضية في المال والفرج والدم،