2 - قد تتأصل الثقافة الغالط ة المسيطرة على المجتمع بنحو يستتبع الاصطدام بها سخطا عاما، ويحدث هزة في أركان الحكومة الإسلامية.
وحينئذ يجوز العدول عن سياسة مداراة الناس إذا لم تتهدد أصول الإسلام وأهدافه.
من هنا فإن القادة الربانيين - مع أن تلبية المطالب الشرعية للناس تتصدر برامجهم الحكومية - يعملون عن روية في مواجهتهم للمطالب غير الشرعية.
ويتحامون من الأعمال التي تستتبع سخطا عاما، إلا في الحالات التي تتهدد بها أصول دعوتهم.
النبي (صلى الله عليه وآله) ومداراة الناس من النقاط البارزة واللافتة للنظر في الحياة السياسية للنبي (صلى الله عليه وآله) سياسته في مداراة الناس بلا عدول عن مبادئ الإسلام. بيد أنه عندما طلب منه أن يتنازل عن المبادئ رفض ذلك بصراحة مهما كلف الثمن. ونلاحظ ذلك حين نقل إليه عمه أبو طالب عرضا من زعماء قريش في تمليكه عليهم بشرط أن يترك الدعوة إلى التوحيد، فقال:
" يا عم، والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه، ما تركته " (1).
ولكن عندما لا يتعلق الأمر بترك الهدف والتنازل عن المبادئ نرى أنه (صلى الله عليه وآله) يبذل قصارى جهده ليرضي العامة. من أجل ذلك كان يتجنب القيام ببعض الأعمال الحسنة غير الضرورية للحؤول دون جرح مشاعر الناس. وكذلك كان يدفع مبالغ معينة من بيت المال لوقاية الأشخاص الحديثي عهد بالإسلام من الانحراف، أو لتأليف قلوب