فقال الرجل: فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، قال: فقاده سخاؤه إلى الجنة (1).
إن النقطة المهمة التي يمكن أن نتعلمها من هذا الموقف في مجال القيادة هي أننا يتسنى لنا أن نهدي كثيرا من المنحرفين وغير الصالحين المستعدين للهداية إلى الصراط المستقيم من خلال المعرفة الدقيقة بالناس، التي تتيسر عن طريق غير الوحي أيضا.
الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ومعرفة الناس تدل دراسة لتاريخ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد النبي (صلى الله عليه وآله) على أنه بز أهل زمانه في معرفته بالناس، كرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يعمل عملا بغير حساب.
كان (عليه السلام) يتصف بصفات عجيبة لا يتيسر الاتصاف بها عبر الطرق الطبيعية لمعرفة الناس، مضافا إلى ما كان يتمتع به من ذكاء فطري حاد وتجربة كسبها خلال السنين المتواترة للنضال. فكان إذا نظر في وجه أحد تفرس ما في أعماق قلبه، وكان يعرف الصديق من العدو بسهولة. من هنا لم يستطع أن يخدعه الأعداء المتظاهرون بالولاء.
ذكر (عليه السلام) أن الله تعالى من عليه بهذه الصفة ببركة دعاء النبي (صلى الله عليه وآله) له يوم خيبر، فقال:
"... وإني لأعرفهم حينما أنظر إليهم، لأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما تفل في عيني وأنا أرمد قال: أذهب عنه الحر والقر والبرد، وبصره صديقه من عدوه. فلم يصبني رمد بعد ولا حر ولا برد، ولأني أعرف صديقي من عدوي " (2).
قال الإمام الباقر (عليه السلام): بينا أمير المؤمنين (عليه السلام) يوما جالسا في المسجد وأصحابه حوله،