4 - مصير النقد السياسي الهدام النقطة التربوية الثمينة الأخرى في هذه القضية هي التنبؤ بمصير الذين يجيزون لأنفسهم بانتقاداتهم غير الموجهة وغير السديدة أن يطعنوا في النظام الرباني والقيادة الإسلامية، ويكونوا سببا في إضعاف الإسلام وفي تقوية أعدائه.
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتنبأ أن هؤلاء الأشخاص لا يكتفون بالانتقاد واللمز والمشادة الكلامية مع النظام الرباني وقيادته، بل إن هذا الذنب الكبير يدفعهم إلى الاصطدام بالحكومة الإسلامية وقيادتها تدريجا. وهذا هو ما حصل في آخر المطاف كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله)، إذ أن النقد الموجه إلى النبي أفضى إلى مقاتلة أمير المؤمنين (عليه السلام)!
ويبدو أن هذا المصير لم يقتصر على عصر صدر الإسلام وانتقاد الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)، بل هي سنة إلهية أن تؤدي الانتقادات المتطرفة غير الموجهة - التي تصوب نحو القادة الربانيين والأنظمة المبتنية على أحكام الإسلام وقوانين القرآن النورانية - إلى الاصطدام العملي بالحكومة الإسلامية. وإذا لم يتب أمثال هؤلاء الناقدين فلا مصير لهم إلا الهلاك الأبدي، وهذه حقيقة أثبتتها تجربة الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
الإمام علي (عليه السلام) والنقد الهدام إن دراسة لسيرة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في موقفه من الانتقادات التي وجهها إليه معارضوه في أيام خلافته ضرورية من أجل التعرف على الأسلوب الصحيح المتخذ من الانتقادات السياسية، لا سيما بالنسبة إلى مسؤولي النظام الإسلامي.
ونظرا إلى الظروف الخاصة لحكومة الإمام وظهور التيارات السياسية وغير السياسية المعارضة في المجتمع الإسلامي فإن في أيدينا وثائق تاريخية كثيرة تدور حول مواقف الإمام (عليه السلام) من الانتقادات، ويمكن أن تكون نموذجا للموقف المتخذ من المعارضين السياسيين في النظم الإسلامية.