الفصل السابع مداراة الناس إن ضرورة اتصاف القيادة بمداراة الناس أمر منطقي وبديهي تماما في نظر الأمم والشعوب كافة، ذلك أن القيادة لا تتيسر بدونه مبدئيا. أما في نظر الذين يفكرون برضا الناس في مقابل رضا الله فإنه يبدو سقيما في أول نظرة، بل يبدو مشينا للقادة الربانيين. من هنا تحتاج ضرورة هذه الصفة للقائد في الإسلام إلى توضيح أكثر.
وفي دراسة دقيقة للنصوص الإسلامية وسيرة النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام)، في مداراة الناس تستوقفنا نقطتان جديرتان بالاهتمام:
1 - أن تلبية مطالب الناس الشرعية وإرضاءهم ليسا في مقابل رضا الله تعالى بل هما يطردان في مرضاته. وهذا مبدأ سياسي مهم في الحكومة الإسلامية، كما خاطب أمير المؤمنين (عليه السلام) مالك الأشتر رضوان الله عليه قائلا:
" وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمها في العدل، وأجمعها لرضا الرعية، فإن سخط العامة يجحف برضا الخاصة، وإن سخط الخاصة يغتفر مع رضا العامة " (1).