الأقلية المتغلغلة إن أحد الأخطار التي كانت تهدد الثورة الإسلامية النبوية - منذ البداية - بشكل جاد هو خطر الأقلية التي تظاهرت بالإسلام وتغلغلت في صفوف المسلمين، وكانت تتحين الفرص للتآمر على الثورة الإسلامية وضربها، وأطلق القرآن الكريم على هذه الأقلية عنوان " المنافقين ". وكان يحذر المسلمين باستمرار من خطرهم، وأفرد لهم سورة تتحدث عن وضعهم، وهي سورة " المنافقون ".
وإذا أضفنا إلى هذه الأقلية الضئيلة تلك الأفواج التي دخلت في الإسلام كارهة بعد فتح مكة أدركنا مدى الخطر الذي يشكله هذا التيار المتغلغل إذا ما أحس بالفراغ القيادي الكبير.
أجل، إن الخطر الذي يتركه إهمال ثورة فتية بلا تخطيط دقيق لمستقبل قيادتها واضح أشد الوضوح، بحيث إنه لا يخفى على أي قائد سياسي، فضلا عن خاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله)!
هل يمكن أن نصدق أن أبا بكر كان يشعر بالمسؤولية تجاه مستقبل الحكم، ولم يدع المجتمع الإسلامي بلا قائد بعده، وأن عمر عالج مشكلة القيادة أيضا عن طريق الشورى السداسية، أما رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلم يشعر بالخطر على الإسلام، ولم يهتم بقضية هي من أهم القضايا المستقبلية للثورة الإسلامية، ويمر عليها مر الكرام؟
ب - إهمال المستقبل لا جرم أن الاحتمال القائل: إن النبي (صلى الله عليه وآله) - بالرغم من شعوره بالخطر على مستقبل دعوته - لم يتحدث عن الحكومة والقيادة بعده، إذ كان مسؤولا عن الفترة التي يعش فيها، والمستقبل ليس مهما عنده، فترك الأمة حائرة بلا موقف واضح... إنما هو احتمال مرفوض، لا يمكن أن يقبله باحث منصف بأي حال من الأحوال. حتى لو فرضنا - خلافا للواقع - أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان قائدا كسائر القادة، فذلك الاحتمال مرفوض