معرفة الموضوع والاجتهاد النقطة المهمة الجديرة بالانتباه هي أن معرفة الموضوع أحد العناصر الحاسمة في الاجتهاد. ومن هنا يمكن أن يكون الفقيه أهلا للتقليد في المسائل الفردية، لكنه لا يمتلك كفاءة قيادية بسبب عدم اجتهاده في المسائل السياسية والاجتماعية والاقتصادية. فالمجتهد الجامع هو الذي يقدر على أن يبدي رأيه في جميع المسائل التي يحتاج إليها الناس، مع الأخذ بعين الاعتبار عنصري الزمان والمكان. قال الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه في هذا المجال:
" أنا أؤمن بالفقه التقليدي والاجتهاد الجواهري (1)، ولا أجيز خرق ذلك.
والاجتهاد على هذا النهج صحيح، بيد أن هذا لا يعني جمود الفقه الإسلامي، فالزمان والمكان عنصران حاسمان في الاجتهاد. والمسألة التي كان لها حكم في الماضي ظاهرا ربما يكون لها حكم جديد في العلاقات التي تحكم الشؤون السياسية والاجتماعية والاقتصادية لنظام من الأنظمة. أي: إن المعرفة الدقيقة للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تجعل الموضوع الأول - الذي لم يختلف عما كان عليه في الماضي من حيث الظاهر - موضوعا جديدا يتطلب حكما جديدا لا محالة...
إن التعرف على أسلوب مواجهة مكائد الثقافة السائدة في العالم، والتحلي بالبصيرة والرؤية الاقتصادية، والاطلاع على كيفية التعامل مع الاقتصاد العالمي، ومعرفة ضروب السياسة والسياسيين ومعادلاتهم المفروضة، وإدراك الموقع الذي يحتله النظام الرأسمالي والشيوعي في العالم، والتعرف على نقاط قوتهما وضعفهما إذ هما اللذان يحددان استراتيجية التسلط على العالم، كل ذلك من مزايا المجتهد الجامع " (2).