بعنانها، واستبددت برهانها، كالجبل لا تحركه القواصف، ولا تزيله العواصف " (1).
أجل، كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في أيام خلافته مثالا بارزا للقائد العارف بزمانه.
وكذلك كان الأئمة (عليهم السلام) جميعهم من بعده. إذ كان صمتهم وكلامهم وحربهم وسلمهم تبعا لما تتطلبه عصورهم.
من هنا نحن نعتقد أن الإمام الحسن (عليه السلام) لو كان يقود الأمة في عصر الإمام الحسين (عليه السلام) لحارب يزيد. ولو كان الإمام الحسين (عليه السلام) متصديا للإمامة في عهد الإمام الحسن (عليه السلام) لصالح معاوية. وهكذا قاد الأئمة الآخرون (عليهم السلام) المجتمع الإسلامي حسبما تتطلبه عصورهم.
ويكمن سر غيبة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه في ما تطلبه عصره يومئذ.
فهو بقية الله وذخيرته لإنقاذ البشرية وإقامة الحكومة الصالحة على الأرض، وتقتضي الحكمة الإلهية غيبته إلى أن تتهيأ الأرضية المناسبة لإقامة تلك الحكومة.
معرفة الفقهاء بالزمان عندما يتولى الفقهاء هداية الناس وقيادتهم في عصر الغيبة، فإن معرفتهم بالزمان ضرورة حتمية، فالفقيه الذي لا يعرف متطلبات عصره فاقد لأحد الشروط الأصلية المهمة للاجتهاد، ولا يصلح لمقام الإفتاء والقيادة.
قال القائد الكبير للثورة الإسلامية الإمام الخميني رضوان الله تعالى عليه في دور معرفة الزمان في هداية الناس وقيادتهم، وفي ضرورة الاطلاع على متطلبات العصر بوصفه شرطا للاجتهاد:
" الزمان والمكان عنصران حاسمان في الاجتهاد. والمسألة التي كان لها حكم في الماضي ربما يكون لها حكم جديد في العلاقات التي تحكم الشؤون