التخطيط لتسيير هذه العلوم باتجاه سعادة الإنسان الدائمة. أما القسم الثاني منها - كالحقائق المتعلقة بالمبدأ والمعاد مما لا يتسنى إحرازه بالدراسة والبحث والتجربة - فلا جرم أن المجتمع يحتاج إلى قيادة إلهية بغية كسبها. ولا تتحقق هذه الأمور إلا عبر القيادة التي ينبغي أن تكون آراؤها مصونة من الخطأ، كي تحول دون بروز خلاف في تحديد الحقائق التي عرضها الوحي.
قيادة القرآن العلمية بعد رحيل الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) زعم البعض أن القرآن الكريم وحده يكفي لقيادة العالم علميا، وطرح هؤلاء شعارهم المعروف " حسبنا كتاب الله " لإلغاء حاجة المجتمع الإسلامي إلى المرجعية العلمية لأهل بيت النبوة (عليهم السلام)، بيد أن التاريخ الإسلامي أثبت بوضوح أن هذا الشعار ليس سديدا، وأن القرآن الكريم وحده لا يلبي حاجة المجتمع الإسلامي بدون قيادة إلهية.
وحينما أوفد أمير المؤمنين (عليه السلام) عبد الله بن عباس لمناظرة المتمردين في النهروان، قال له:
" لا تخاصمهم بالقرآن، فإن القرآن حمال ذو وجوه، تقول ويقولون، ولكن حاججهم بالسنة، فإنهم لن يجدوا عنها محيصا " (1).
القرآن دستور الإسلام، ولا شك أنه يحتاج إلى مفسرين مصونين من الخطأ، يستطيعون أن يهدوا المجتمع الإسلامي إلى حقائقه ومفاهيمه، وإلى ما يحتاجون إليه من برامج في حياتهم. من هنا قرن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أهل بيته بالقرآن بوصفهم هداة الأمة الإسلامية وقادتها، وذلك في حديث الثقلين المتواتر الذي اتفق عليه الفريقان (الشيعة والسنة). وعلى هذا الأساس أصبحت القيادة السياسية والقيادة العلمية في