أساس هذه الفلسفة تفتقد الرصيد الشعبي، والقيادة التي تمتلك هذه الرؤية فيما يخص حقوق الناس سوف لا تحظى برضاهم ودعمهم.
الحقوق المتبادلة بين الناس والقيادة يرى الإسلام أن حق القيادة السياسية للمجتمع - في إطار تعاليمه - لا يغاير حقوق الناس، بل هو رهين بأداء القائد حقوقهم، وهم مكلفون بطاعته ودعمه إذا روعيت حقوقهم في النظام الذي يقوده.
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) في هذا المجال:
" أما بعد، فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم، فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف، لا يجري لأحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له " (1).
وقال (عليه السلام) في كلام آخر، وهو يبين الحقوق المتبادلة بين الشعب والقيادة:
" حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة، فإذا فعل فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا، وأن يجيبوا إذا دعوا " (2).
نلحظ في هذا الكلام أن حق القائد ليس رهينا بأداء حقوق الناس فحسب، بل طرح حق الإمامة والولاية والقيادة بوصفه حق أداء الأمانة أيضا.
نصل هنا إلى نقط بالغة الأهمية - في مجال أسس القيادة في الإسلام - وهي أن حق الحكومة في الإسلام ليس إلا تقديم نوع من الخدمة للمجتمع، وأن القائد خادم الناس لا مالكهم، كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كلام رائع له:
" سيد القوم خادمهم " (3).