3 - ضرورة إقامة الحكومة القضية الثالثة في كلامه (عليه السلام) هي أن الحكمة من وراء الضرورة المطلقة للقيادة السياسية هي ضمان الحد الأدنى من حقوق الناس، ولبلوغ هذا الهدف غدت الحكومة بأي شكل كانت ضرورة لا مناص منها.
إن الإسلام لا يلغي ضرورة القيادة السياسية مهما كانت الظروف، حتى لو كان القائد فاجرا آثما. وفي توضيح هذا المعنى يؤكد الإمام (عليه السلام) أن الحكومة الفاجرة أيضا تجمع العائدات الوطنية في ظلها وتوزع، وتؤمن السبل، وتجرى النشاطات الاقتصادية، بل إن الحكومة الفاجرة تجاهد عدو الشعب، وتأخذ للضعيف حقه من القوي.
بعبارة أخرى: على الرغم من أن الشعب يفقد قسطا كبيرا من حقوقه في ظل الحكومة الفاجرة بيد أن الفائدة من وجود تلك الحكومة هي أنها تذلل مصاعب الحياة. ومن جانب آخر، لا سبيل للحكومة الفاجرة إلا تحقيق الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع من أجل المحافظة على وجودها، وهذا الأمن يضمن ديمومة الحياة للأخيار والفجار على حد سواء، من هنا فإن حكومة الأمير الفاجر أفضل من حكومة تسودها الفوضى والفتنة والشغب، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله):
" الإمام الجائر خير من الفتنة " (1).
وأثر عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله:
" أسد حطوم خير من سلطان ظلوم، وسلطان ظلوم خير من فتن تدوم " (2).