بالحكم به فاتبعته وما استن النبي (صلى الله عليه وآله) فاقتديته، فلم احتج في ذلك إلى رأيكما ولا رأي غيركما، ولا وقع حكم جهلته فأستشيركما وإخواني من المسلمين، ولو كان ذلك لم أرغب عنكما ولا عن غيركما " (1).
لا تناقض بين هذين الكلامين، فهو (عليه السلام) طلب من الناس في الكلام الأول أن يشيروا عليه من أجل تطبيق الحق والعدل، ولا ينظروا إلى موقعه السياسي. وفي هذا الكلام - كما يستبين من مواصلة الخطبة - رفض مشورة الأكابر، لأنهم كانوا يطمحون إلى منحهم امتيازات خاصة، وكانوا يرون أن منطق العدل والمصلحة يحكم بإعطاء ذوي السابقة والنفوذ والقدرة الأكبر حصة أكثر عند تقسيم بيت المال!
بعبارة أخرى: كان المعارضون السياسيون للإمام يريدون - باسم الإسلام وحقوق الإنسان ومبدأ المشورة - أن يكون لهم موقع خاص وتفضيل على الآخرين، ليستغلوا ذلك من أجل مآربهم السياسية والاقتصادية، كما تستغل القوى الاستكبارية اليوم الديمقراطية وحقوق الإنسان تحقيقا للمآرب نفسها.
وهذا هو ما دفع الإمام (عليه السلام) أن يرفض طلبهم ويقول: أنا أفهم الإسلام أفضل مما تفهمونه أنتم وغيركم، وأنا في غنى عن مشورتكم ومشورة أمثالكم لتطبيق العدالة.
ج - المشورة والتردد في اتخاذ القرار تلقي رأي المشير قبل اتخاذ القرار مفيد للمستشير. أما بعد اتخاذ القرار فإنه مضر له، إذ يؤدي إلى تردد القائد وتزعزعه، إلا في الحالات التي ينكشف فيها خطأ القرار.
نزلت قوات قريش عند سفح جبل أحد يوم الخميس الخامس من شوال سنة 3 ه، وتهيأت لمعركة عرفت فيما بعد بمعركة " أحد ". وبقي النبي (صلى الله عليه وآله) في المدينة ذلك اليوم وليلة الجمعة. ثم شكل يوم الجمعة شورى عسكرية، واستشار كبار القادة من اولي